أحداث الزلزال الأخیر في محافظة کرمانشاه غربي البلاد والدعم الشعبي الهائل من التبرعات النقدیة والعینیة قد خلقت مشاهد رائعة ما رأت عین ولا سمعت أذن مثلها من قبل؛ المساهمات الشعبية العظیمة في شكل قوافل من السيارات والشاحنات وعدد کبیر من المتطوعین من المناطق الکردیة والمجاورة وجهود مبارکة لعدد من الشخصیات السیاسیة والریاضیة والجامعیة والاجتماعیة ومن جانب آخر فعالیات المنظمات المدنیة کشفت قبل کل شيء أن الإنسانیة والتعاطف والتضامن لا تقتصر علی الدین والجنس والمذهب ولا تعترف بها الأمر الذي تعاني منه البلاد منذ عقود.

کما تعلمون أن معظم منکوبي الزلزال الأخیر کانوا من المواطنین الأکراد السنة الذین کان لهم دور واسع في الحفاظ علی الحدود وردع العدو المعتدي طوال ثمانیة سنوات خاصة مدینة سربل ذهاب التي دمرت بالکامل أثناء الحرب الإیرانیة العراقیة ولا تزال تنزف من جرحها فإذا بالزلزال الأخیر الذي زاد جرحا آخر علی جراحاتها وضاعف من آلامها.

المتتبع للأحداث یری واضحا أن حصة هذه المدینة من التنمیة کانت قلیلة جدا وأن عملیة إعادة الإعمار لم تکمل بعد وأن تعزیز المباني منها المباني الحکومیة کانت في مستوی منخفض جدا وإلا لما حدثت کل هذه الأضرار الجسدیة والمادیة بهذه الکمیة. الحماسة الجماهیریة الأخیرة کشفت بوضوح أن الشعب الإیراني العظیم لا یعترف بالتمییز والإقصاء واللامساواة علی أساس المذهب أو العرق کأن الدعایات السلبیة التي قد یتم نشرها وما تعزف على الأوتار للتأثیر فی نسیج المجتمع لم تنتج ولم تؤت أکلها منها المحاولات التي کانت تسعی لتشهیر کافة الأکراد بالضلوع في الأحداث الإرهابية الأخیرة التي ضربت طهران العاصمة في الربیع المنصرم وها هو الشعب یثبت فعلیا أنهم بمنأی عن هذا النهج وأنهم لا یسیئون الظن بأبناء الوطن.

ومن جانب آخر رأینا بوضوح أن المنظمات المدنیة قد تعمل أکثر نجاحا من المنظمات الحکومیة وقد یؤمن جانبها بکثیر من غیرها لأنها نشأت من بطون المجتمع ولیس هذا الإلحاح الشعبي لتفویض التبرعات للمنظمات المدینة والأهلیة أو للمشاهیر الاجتماعیة والمدنیة إلا أن الشعب یری أنها جدیرة بالثقة الشعبیة بالنسبة لغیرها علی سبیل المثال هناک لاعب ریاضي تم نقل ستة ملیارات تومان (3000 ألف دولار) إلی حسابه وأستاذ جامعي تم نقل أکثر من ملیاري تومان (500 ألف دولار) إلی حسابه خلال یومین هذا إلی جانب کمیات کبیرة من المساعدات النقدیة وغیر النقدیة التي تم تفویضها للمنظمات الخیریة.

وبغض النظر عن بعض الشکاوی والانزعاجات من کیفیة توزیع المساعدات وعملیة إدارة الأزمة، یمکن القول إن المشارکة الشعبیة العامة التي رأیناها لم یکن لها مثیل في التأریخ ولها أسبابها ومن أهمها یمکن الإشارة إلی:

• الشعور العالي بالتعاطف والتضامن لدی معظم الشعب الإیراني.

• الشبكات الافتراضية ودورها في تبادل المعلومات حول مستجدات الوضع.

• سهولة التواصل بین المحافظات المختلفة والجودة النسبیة لطرق المواصلات.

• زیادة عدد السیارات الشخصیة.

• زیادة عدد المنظمات المدنیة وغیر الحکومیة والثقة الشعبیة الواسعة بها.