في حوار مع السید رؤوف حق بسند
إشارة: تعتبر مهنة العتالة واحدة من أصعب المهن وأكثرها ارتباطاً بالاستنزاف الجسدي للعمال القائمين بها، فمجرد ذكر كلمة «عتال» يستحضر في الأذهان حملاً ثقيلاً من المعاني الملأى بالكد والشقاء، وحصيلتها أجور منخفضة، تکاد تفي بمتطلبات الحياة وأمراض مزمنة تفتك بالعمود الفقري والعظام وتترك صاحبها عاجزاً أو شبه عاجز مع التقدم في العمر. والقیام بهذه المهنة في المناطق الحدودیة الکوردیة أدت إلی مشاکل للمواطنین الأکراد وربما یتعرضون لرصاص الشرطة الحدودیة ویفقدون حیاتهم من أجل لقمة العیش. السید حق بسند ممثل الکسبة في مدینة مریوان قد أمضی فترة من حیاته في مهنة العتالة والیوم یتولی مهمة استیراد السلع في سوق مریوان یرتبط بکثیر من العتالین وفي هذه المقابلة یعطینا معلومات جیدة حول تجربة الحیاة مع العتالین.
1- الفئات الذین یقومون بالعتالة في هذه المنطقة کم عمرهم وفي أي مستوی تعلیمي؟
أعمار العتالین تتراوح بین 15 إلی 55 عاما وفي المستوی التعلیمي الأمي حتی الماجستیر.
2- هل کانت لدیهم مهنة من قبل أو زاولوا عملا آخر؟ ولماذا قاموا بغییر مهنتهم والتخلي عنها؟
عدد منهم یقومون بالعتالة بشکل دائم وعدد آخر بشکل جزئي من أجل توفیر التکالیف الدراسیة أو عندما ینتهون من الأعمال الزراعیة أو تتراجع أعمال البناء. وعدد منهم کانوا یعملون في السوق وخسروا رؤوس أموالهم نتیجة تقلبات أسعار الصرف وبادروا بالعتالة لأنهم لم يكن لديهم ما يكفي من رأس المال والمهارة. وتجدر الإشارة إلی أن الأراضي الزراعیة في المناطق الحدودیة لمحافظة کردستان وعرة غیر مستویة جدا ومن حیث المرافق متخلفة ولا تزال الزراعة تتم فیه بشکل تقلیدي وأن الدخل الزراعي لا یکفي تکالیف معاشهم ویضطرون في الغالب إلی مصدر آخر للدخل.
3- هل کل هؤلاء الناس لدیهم بطاقة المرور؟ کم مرة في الشهر یقومون بالعتالة عبر الممرات القانونیة؟ وکیف من الممرات غیر الرسمیة؟
في کردستان نوعان من الممرات الحدودیة؛ إحداهما رسمیة تسيطر عليها الحكومة وتشرف عليها حرس الحدود والثانیة الممرات غیر الرسمیة ويتم نقل البضائع فیها عن طريق التهريب والذین یقومون باستیراد السلع من الممرات الرسمیة لدیهم فقط بطاقة المرور یقومون باستیراد السلع مرتین علی الأقل إلی ست مرات في کل شهر وفقا للموسم وحجم البضائع الموجودة في السوق. وهناک أناس آخرون لیس لدیهم بطاقات المرور ویقومون باستیراد السلع عبر الممرات غیر المرخصة ونظرا إلی إشراف ورقابة الشرطة المسلحة علی الحدود أن کل عتال بإمکانه أن یعبر عن الممرات غیر الرسمیة ست مرات في نهایة المطاف وقد لا یستطیع استیراد أي سلعة طوال الشهر نظرا لإجراءات أمنية مشددة.
دائما عندما یقال إن التهریب یتم عبر الممرات غیر الرسمیة، إن العقل اللاواعي یتحول تجاه المخدرات والمشروبات الكحولية والمنتجات المحظورة ویلزمني أن أشیر هنا إلی نکتة وهي أن هذه السلع عادة ما تشمل البضائع الصحیة والملابس والمکسرات وبعض الاشياء التي یسمح باستیرادها عبر الممرات الرسمیة وحین لا یسمح باستیرادها یقوم التجار بتهریبها لأن إرجاع السلع التي تم شراؤها إلی المصدر یلحقهم خسائر. بالطبع لا يمكن إنكاره أن هناک قد یتم استیراد سلع شدد المشرعون والمحامون على حظرها ومن أجل تمییزها عن سائر السلع يمكن اتخاذ تدابير من قبل الدولة حتی لا نشاهد أحداثا مأساویة کاستهداف الشرطة للعتالین وقتلهم بدم بارد أو سقوطهم من أعلی الصخور أو مصرعهم تحت الانهيار الجليدي.
4- هل یمکن تأجیر بطاقات المرور وکم کلفة إجارتها؟
هذه البطاقات لا تصلح للإيجار أو الائتمان ولم تدفع أمامها أي تکلفة وإنما هي کمساعدة من قبل الحکومة لسکنة القری الحدودیة؛ بالطبع هناک أناس یتمتعون بظروف معیشیة جیدة ولهم بطاقة المرور بسبب الإقامة في القرى الحدودية فقط وهذا الأمر یلحق خسائر لهؤلاء الذين يحتاجون بها حقا وليس لديهم ظروف مالیة مواتیة.
5- هل هناک وسطاء للحصول علی الحمل؟ وکم یأخذ العتالون إزاء نقل کیلو واحد من الحمل؟
لیس هناک وسائط للحصول علی الحمل؛ تصل بضائع التجار بعد شرائها إلی العراق ویقوم العتالون بحملها علی أکتافهم عبر الحدود. تختلف الأسعار بحسب المدن وحجم الأحمال وأجور الحمل لا تختص العالین فقط ويجب تخفيض تكاليف مثل تکلفة تأجير السيارات للوصول إلى الأسواق وتکلفة الأکل و... کل عتال یحمل علی کتفه من خمسین کیلوا وصولا إلی مئة وعشرین في کل مرة في الممرات الرسمیة وأما في الممرات غیر الرسمیة یحملون عشرین حتی خمسة وثلاثین کیلوا من السلع نظرا للطرق الجبلیة الوعرة.
6- لماذا لا یتحول هؤلاء الناس إلى مدن کبری للحصول على وظيفة أخرى؟
وحول الهجرة إلی المدن الکبری یمکن القول إن الهجرة تحتاج إلی التمویل ومزید من التواصل وشعبنا یفتقرونها والأهم من ذلک من الصعب الحصول علی الفرص المهنیة الملائمة.
7- ما أكثر الأسباب أهمية في تحويل سكان المنطقة نحو العتالة؟
السبب الرئیسي هو انعدام فرص العمل وعدم وجود دخل كاف في الوظائف الموسمية التي یزاولها الناس.
8- ما رأیک حول إنشاء الشرکات التعاونیة للعتالین؟ وما المتوقع من تلک الشرکات؟
وحول إنشاء الشرکات التعاونیة للعتالین أنا أری أن هذه الشرکات تصب لصالح العتالین في المستقبل بناء علی الاستطلاعات التي حصلتها من العتالین أنفسهم وعلی سبیل المثال إن هذه التعاونیات تقوم بتلقي مبالغ من العتالین وبعد فترة تحصل الشرکة حجما کبیرا من المال وبإمکانهم أنشاء مصانع أو ورش عمل ویصبح العتالون مساهمین فيها.
9- برأیک ما هي الإجراءات التي تقلص ظاهرة العتالة؟
للأسف المناطق الحدودیة لیس فیها مصانع لیزاول الناس فیها أعمالهم وأن المواطنین في مستوی منخفض من التدریب علی المهارات؛ التنمیة الزراعیة ومکننتها مهمة جدا وبإمکانها أن تقلل من مهنة العتالة ولکنها بحاجة إلی التسهيلات المصرفية وهي لیست متوفرة وقد ترافقها بيروقراطية معقدة تجعلها غیر قابلة للحصول.
الآراء