التعاون بين العراق وإيران لا يتوقف عند السياسة والاقتصاد، بل يتجاوزهما إلى مجال الثقافة والفنون، إذ يجري الاستعداد لإنتاج فيلم سينمائي مشترك بعنوان "الشياطين الحمر"، فكرته تقوم على ما جرى من أحداث أثناء احتلال القوات البريطانية لمبنى المسرح في البصرة عام 2003. بطل الفيلم طفل من عائلة فقيرة عاشق للرياضة ولأحد الفرق الإنجليزية، مما يدفعه إلى التقرب من القوات التي احتلت المبنى على اعتبار أنهم بريطانيون. اتفاقية تعاون مشترك ويأتي هذا الفيلم تجسيدا لاتفاقية التعاون المشترك بين دائرة السينما والمسرح وبين الجانب الإيراني خلال مشاركة وفد من العراق في مهرجان الفجر الإيراني للسينما السنوي الذي نظمت نسخته الثلاثون بالعاصمة طهران في فبراير/شباط الماضي. ويقول مدير قسم السينما في دائرة السينما والمسرح التابعة لوزارة الثقافة العراقية قاسم محمد سلمان للجزيرة نت إن فيلم "الشياطين الحمر" تدور قصته حول طفل عمره 12 عاما، يحب كرة القدم الإنجليزية ويشجع فريق مانشستر، ولوجود القوات الإنجليزية في البصرة بدأ هذا الطفل يتردد على معسكرها. في البداية لا يتلطف الجنود البريطانيون بالطفل لخوفهم من أن يكون مدسوسا بينهم، وبعد فترة وبالتعود عليه والاطمئنان له يأخذه جندي برتبة عريف إلى المعسكر للعب كرة القدم. وتبدأ الأحداث تتصاعد عندما يجد طبيب من القوات البريطانية أن كلية الطفل مطابقة نسيجيا لأحد الضباط الموجودين الذي كان بحاجة إلى زرع كلية، وبعدها يحاول أخذ كلية الطفل. ويبين سلمان، الذي لا يريد أن يعطي المزيد من المعلومات عن قصة الفيلم، أنه من إخراج رحيم الحسيني وإنتاج السيد حسين الصادري، ويدير إنتاجه ساسان ساوان، وكلهم إيرانيون، وقد قابلوا بعض الممثلين العراقيين أثناء زيارتهم هذه الأيام العراق لاختيار الفنانين والفنانات الذين سيؤدون الأدوار الرئيسية والثانوية في الفيلم. وسيتم تصوير الفيلم في العراق بين محافظات البصرة وبغداد والعمارة والنجف، إضافة إلى بريطانيا، ويتوقع محمد أن يستغرق تصويره وإنجازه قرابة ثمانية أشهر. من المسؤول؟ ويقول المخرج والناقد السينمائي العراقي بشير الماجد إن وزارة الثقافة العراقية ودائرة السينما والمسرح يعملان وفق مفهوم مطربة الحي التي لا تطرب، ويضيف في حديثه للجزيرة نت أن الطامة الكبرى في العراق الآن أن يكون وزير الثقافة رجل عسكر ويشغل منصب وزير الدفاع، ويتساءل ما هي علاقة العسكر بالثقافة؟ ويؤكد الماجد أن تراجع السينما في العراق له أسباب كثيرة وعميقة ولا بد من البحث عن جذورها لمعالجتها وفق رؤية صحيحة من قبل متخصصين في هذا المجال. وانتقد مهرجان أفلام الجوار الذي أقيم في بغداد نهاية العام الماضي، لأن أغلب الأفلام المشاركة فيه كانت إيرانية، مع أن هناك أفلاما عراقية كثيرة شاركت في مهرجانات دولية وحصلت على جوائز لم يسمح لها بالمشاركة، متسائلا: كيف تريد للسينما أن تنهض مع وجود مسؤولين لا يفهمون في الثقافة والسينما؟ ويرى الممثل العراقي الفنان فارس طعمة التميمي في حديث للجزيرة نت أن إنتاج فيلم سينمائي عراقي بادرة جيدة للسينما العراقية بعد أن أصابها الكثير من الخواء والجمود في وقت تتسابق فيه الدول لإنتاج المزيد من الأفلام. ويوجه التميمي انتقادا لاذعا لوزارة الثقافة ودائرة السينما والمسرح بسبب عدم تكفلها بإنتاج الفيلم، دون مشاركة طرف آخر، إذ إن قصته عراقية بحتة. ويقول التميمي "للأسف الشديد لا توجد في المؤسسات العراقية المعنية بالإنتاج السينمائي أبسط الأجهزة الفنية، ولا توجد لدينا الإمكانيات الفنية"، ويطالب بإعادة تأهيل السينما العراقية بكافة شرائحها سواء الفنية أو الإنتاجية أو المهنية.
الآراء