قام الرئیس المصري الحالي الجنرال عبد الفتاح السیسي بممارسة سیاسة القمع والعنف بعد الانقلاب علی العملیة الدیموقراطیة في البلاد والمصریون الذین شاهدوا العملیة الدیموقراطیة بعد الإطاحة بحکم الرئیس السابق حسني مبارک تفاجئوا بسیاسة قد تسمی "القبضة الحدیدیة". فقتل الآلاف في یوم واحد والسیسي لا یحاف من أي شيء للعودة إلی المحطة التي قد توقفت وأراد أن یبدأ بمساره ویمکنه الحصول علی الموافقة بشأن حکومته. فالأحکام الأولیة التي صدرت بحق القیادات الإخوانیة کانت ثقیلة جدا حیث واجه کثیر منهم عقوبة الإعدام وأما الذین کانوا علی درایة بالمناج السیاسی في مصر کانوا یفهمون أن هذه الأحکام کثیرا ما تصدر لتطبیق مزید من الضغوط النفسیة علی هذه المجموعات. وتعدیل بعض من الأحکام الصادرة یشیر بأن السیسي یشعر بأنه استطاع السیطرة علی الأحداث مع مرور الزمن والتقلیل من تسارع الإخوان في الساحة السیاسیة والقیام بتطبیع الوضع في البلاد.

وبطبیعة الحال أنه نجح في هذه العملیة إلی حد ما باستخدام القوة القمعیة واللجوء إلی العنف والحیولة دون المظاهرات المناهضة له والآن بعد عامین من الانقلاب حصل الرئیس المصري المخلوع محمد مرسي علی حکم بسجن 20 عاما مع الأشغال الشاقة وقد حکم بالإعدام علی 22 عضوا من جماعة الإخوان المسلمین. ولا شک أن الإخوان لن ینصاع لهذا الحکم وسیحتج کمنظمة سیاسیة واجتماعیة علی هذه الأحکام؛ لأن کثیر من المصریین یدعمون الإخوان وهذه المنظمة لها قاعدة صلبة ومتینة بین المجتمع ولهذا یمکن القول بأنه تستحیل أمکانیة استبعاد الإخوان من المجتمع المصري بل لم یستطع حسني مبارک أن یبعد الإخوانیین من الساحة السیاسیة ولم یتم القضاء علی جماعة الإخوان في المشهد السیاسي في عهد الرئیس الأسبق جمال عبد الناصر رغم تنفیذ حکم الإعدام بحق کثیر من قیاداتهم.

فإذن یمکننا القول بأن الحکومة الحالیة بمصر تسعی أن یضطر الإخوان إلی العمل الاجتماعي ویبعد عن المشهد السیاسي حتی لا تتعرض الحکومة الحالیة بأي تهدید وتغییر وفي الحقیقة أن السیسي یتبع سیاسة "العصا والجزرة"؛ فبإصداره الأحکام القاسیة بحق الإخوانیین ینتهج السیاسة القمعیة وبالسماح لهم باستمرار العمل الاجتماعي لا یرید أن یسد طریقهم کلیا. ومن جانب آخر ینبغي أن لا یتجاهل الظروف الإقلیمیة الخطیرة جدا بسبب ممارسات مجموعات متطرفة کتنظیم الدولة الإسلامیة في العراق وجبهة النصرة في سوریا.

ولهذا یحاول السیسي إلی جانب حلفائه السیاسیین في المنطقة وفي خارجها وبدعمهم له أن یحول بین تطرف مجموعات کالإخوان؛ لأن إمکانیة اللجوء إلی التطرف حین التوترات السیاسية کبیرة ومن جانب آخر یمکن القول بأن المجتمع المصري مجتمع مستقطب وأن هذه المسألة لیست لها صلة بالزمن الحالي بل الظروف نفسها کانت موجودة في عهد مبارک. فإن مبارک کان یسمح للأحزاب النشاط السیاسي والمشارکة في الانتخابات بصورة رمزیة والآن یحاول السیسي أن یکون الإخوان حاضرا في الأشغال العامة وحدها ولا یتدخل في العملیة السیاسیة ففي ظل هذه الظروف یوجد هناک کثیر من أحزاب ویتم الحفاظ علی الدیموقراطیة بمشهدها الظاهري وتظل السلطة بید السیسي.