أساس الثورات الشعبیة الأخیرة:

الف: بلورة الفهم الصحیح من التوحید:

لاشک أن أساس رسالة الأنبیاء إخراج الإنسان من العبودیة الظاهرة والباطنة لغیر الله وهو الاعتقاد المبدئی بـ «لا إله إلا الله» ونفی الآلهة والحکام الظالمین ولا یتحقق ذلک إلا بالعبودیة الخالصة لله تعالی والاجتناب من الطواغیت وبهذا یمکن أن نخطو فی طریق التوحید والعبودیة.

ج: إحیاء فریضة الجهاد الشامل:

الجهاد بمعناه الشامل عبارة عن الجهاد التربوی والعلمی واللسانی والقلمی والإعلامی والسیاسی والاقتصادی وإذا توفرت الشروط اللازمة فیجب الجهاد الدفاعی المسلح علی کل مسلم ولامفرّ منه وهو رکن من أرکان الإسلام.

د: العودة إلی الهویة الدینیة والوطنیة:

منذ عشرات السنین قد وقع الدین والثقافة والتاریخ والثروات المادیة والمعنویة لشعوب المنطقة هدفاً لنهب المستعمرین المقنّعین وغیر المقنعین وقد حمی الاستعمار الدولَ التابعة العمیلة علی أساس تصمیم هندسی  ممنهج  وبذلک أبقی العالم العربی والإسلامی فی ؟؟؟

و الهدف من ذلک حفظ الأتباع والأنصار والتأثیر علی المعتقدات والرأی العام وقد رأینا المنوذج الظاهر منه فی وسائل الإعلام للدول الساقطة و المتساقطة مثل تونس ومصر ولیبیا والیمن وسوریا وسمعنا ونسمع أنهم یسمون معارضیهم أنصار القاعدة وینسبون قتل المتظاهرین إلی المقنّعین والمجهولین.

۱. أحادیة الصوت وعدم احتمال الآخرین: (مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى)[غافر:29].

لا أقبل لکم غیر رأیی أنا: وهذه هی المیزة المشترکة لکل الحکومات الفردیة المستبدة والتی لا تستمع ولا تحتمل صوت أی معارض ولو کان طالب خیر أو إصلاح .

۲. إحتقار المخالفین (إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ)[شعراء:54]

إن موسی وأتباعه فئة ضئیلة وصغیرة. إن کلمات مثل العمیل و الإرهابی و المتمرد و المنتسب و الجاسوس ؛ کل هذه المسمیات أسلحة للنظم المغلقة والمستبدة التی تستعملها ضد المعارضین السیاسیین.

۳. الادعاء علی أنه علی الحق والصواب: (وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ)[غافر:29]

أنا لا آخذ بکم إلا إلی سبیل الرشد والصواب. کل الدول الدکتاتوریة تقریباً تعرف نفسها أنها عامل الخدمة والأمن والوحدة والرقی وتحفظ الحریات الحقیقیة الواقعیة وتسمی حزبها بالدیمقراطی الوطنی کالحزب الحاکم فی مصر «حزب الدیمقراطی الوطنی» وحزب بن علی «حزب الدیمقراطی الشعبی» وغایة حزب البعث السوری کانت ثلاثة أسس: المؤانسة والحریة والإشتراکیة.

۴. ادعاء الدفاع عن الدین وثقافة الشعب واتهام المخالفین بإتیان دین جدید؛ (إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ)[غافر:26]. قال فرعون: إننی أخشی علیکم أن یبدل دینکم. إن الادعاء  بأن المخالفین استهدفوا الدین و وحدة المجتمع والسیادة الأرضیة والثقافة الوطنیة ویریدون أن یرجعوا بالمجتمع إلی الوراء، ادعاء  باطل  تشترک فیه الدول المستبدة وتستعمله ضد المعارضین السیاسیین.

۵. یحسب أنه مخالف للفساد؛ (أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ  )[غافر:26] أن موسی یرید أن یفسد ویزعزع أمن البلد. إن «إثارة الفتنة» و«التفرقة» و«الإطاحة بالنظام» تهمٌ تختلقها وتستعملها الدول الساقطة أو المنهارة ضد المعارضین الساسیین وقد سمعناها ونسمعها من إعلام هذه الدول.

تخلف وتقهقر سیاسیة وإقتصادیة مخفیة و یعرف الاستعمار المسلمین بالإرهابیین ویعرف الإسلام بأنه دین متطرف و عنیف و لا یتماشی مع عصر العلم والدیمقراطیة وذلک بالمساندة الظاهرة والباطنة لبعض الاتجاهات الغالیة.

و فی غضون الحوادث الأخیرة قد أقرّ عدد من ضباط وزارة مصر الداخلیة بالتفخیخ فی کنیسة القدیسین فی الإسکندریة وأمر بذلک حبیب العادلی وزیر دولة حسنی مبارک الداخلی ولکنهم أذاعوا أن تنظیم «القاعدة» فی «غزة » هی المسؤولة عن العمل. إن ما کان یدعیه علی عبدالله الصالح حول نشاطات «القاعدة» فی الیمن کان الغرض من ورائه کسب مال أکثر من أمریکا والدعم المالی لمئات الأفراد من رجاله لیقوموا بالتفخیخ والعملیات العسکریة ضد الغرب فی الیمن وغیر ذلک من التهم وکلها تتمّ بإسم «القاعدة» ویرجی أن تنکشف حجم أوسع من هذه الأسرار فی المستقبل.

خصائص الثورات الأخیرة:

    • الشعبیة والجماهیریة.
    • دورالشباب المتقدم .
    • ضد الاستعمار 
    • ضد الاستبداد 
    • ضد الحکر والتحکم
    • ضد الفساد السیاسی والمالی
    • ضد الانتساب إلی الأجانب
    • السلمیة
    • التحریر والعودة إلی الهویة والمعاییر المقبولة لدی أغلبیة الشعب.

القیادة والإدارة:

    • الإدارة الجماعیة المکونة من کل الاتجاهات المذهبیة والحزبیة والقومیة.
    • التنظیم الدقیق للتظاهرات والإدارة الصحیحة للأزمة.
    • الإخبار العلمی المناسب عن طریق الأجواء المجازیة – فیس ‌بوک وتویتر و...-  وانعکاس الحوادث الحیادی عن طریق قناة «الجزیرة».
    • الإرشادات العالمة والحکیمة للاتحاد العالمی  لعلماء المسلین وقیادته وکذلک حضور الشخصیات و الکتل الأصیلة والمستقلة.
    • القوة الإیمانیة والمقاومة الباسلة مقابل عنف قوی الأمن والذین یلبسون الزیّ المدنی.

معطیات الثورة:

    • إثمار المعتقدات الإیمانیة والتربیة القائمة علی معاییر القرآن والسنة الصحیحة والثقافة الوطنیة الأصیلة.
    • تحقیق السنة الإلهیة فی مصیر الظالمین.
    • تحقیق وعد الله بالنسبة لدعم المظلومین.
    •  تأثیر صلوات الجمعة  وبلورة حِکم وغایات هذه العبادة العظیمة وقد شاهدنا نموذجها الظاهر فی حضور الملایین فی صلاة الجمعة فی میدان التحریر بالقاهرة.

الخاسرون الأصلیون:

    • المستعمرون الصلیبیون.
    • الدول المستبدة ذات الحزب الواحد.
    • الصهاینة الغاصبون الإرهابیون.
    • الکتل المذهبیة التی تبرر سیاسة المستبدین.
    • الاشتراکیون المستغلون للثروات الذین یتحلقون حول الحکام.
    • الغلاة والتکفیریون الحزبیون.
    • حماة المستبدین مقفولی الأعین والآذان.

الفائزون الکبار:

    • الموحدون المناضلون للطواغیت الذین یرون التوحید ضرورة وإکمالاً للعبادة.
    • المتقون الذین لم یصبحوا آلة بید المستعمرین فی الخفیة والعلن.
    • أصحاب الرأی الوسط من الإسلام الشامل و التحرری المتعاطف مع العلم والدیمقراطیة والرقی السیاسی والاجتماعی الذین یحافظون علی الأصول والثوابت الثابتة الدائمة التی لاتتغیر ولا تتأثر بالزمان ولا تتفاوت بالمکان ویجددون المتغیرات والأحکام والقوانین المتناسبة وحاجیات المجتمعات البشریة ویستفیدون من الحلول العلمیة والعقل الجماعی للخبراء فی الأصعدة المختلفة وذلک فی ظل الفهم الصحیح للواقعیات والأولویات وموازنة المصالح الحقیقیة.
    • الوطنیون الذین لم و لن یجعلوا الشعب سلّماً للنیل إلی السلطة والثروة.

و عدد من الدول کترکیا وقطر و...التی ساندت الثورات الشعبیة بعیدة عن الأطماع المادیة أو السیاسیة.

و ختاماً نأمل:

أن تهیئ الأرضیات اللازمة المناسبة للتآلف السیاسی والاقتصادی والعسکری بین دول المنطقة.

أن تقدم نماذج من المجتمعات المدنیة التعددیة الحرة الشوریة التی ترأسها إدارة صالحة.

أن تحقق وتوفر للدول الإسلامیة والعربیة حق العضویة الشرعیة وحق الفیتو فی مجلس الأمن .

إذا وصلت القوی الإسلامیة إلی سدّة  الحکم عن طریق الانتخابات الحرة النزیهة، یرجی أن لا یبحثوا عن ألقاب ومسمیات لأنفسهم ودولهم بل یلتزموا بالأصول والمعاییر الإسلامیة کالحریة والعدالة والشوری والإدارة الصالحة والاستقلال الحقیقی.

أن ینتفع الشعب وأتباع الأدیان والمذاهب والأحزاب وکل الاتجاهات من نعمة الحریة والعدالة وحق المواطنة.

أن تستأصل وتجفّ جذور الإرهاب  بشتی أشکاله  الدولیة وغیرالدولیة عن طریق نشر العدالة الاجتماعیة والاقتصادیة والحفاظ علی کرامة الشعوب وحفظ حق الاستقلال الحقیقی للدول  والشعوب .

أن تسقط النظم الدکتاتوریة المرابطة للصهاینة واحدة تلو الأخری کلما تطاول وتقدم الزمان وبالثورات الشعبیة الباسلة وبذلک  یتقوی رجاء قرب زمن تحقق الوعود الإلهیة والنبویة التی تنبئ بخذلان وعجز الیهود الصهاینة ومساندیهم أکثر من ذی قبل؛ (فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّـهِ الْأَمْرُ‌مِن قَبْل ُوَمِن بَعْدُ وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَ‌حُ الْمُؤْمِنُونَ)[روم:4]

الله اکبر ولله الحمد