شيئانِ أوعنصرانِ في الأرض ليس فيهما شيءٌ من مكونات الأرض – الحديد ولحم الفلسطيني. الحديد وقد تم إثبات أصله قرآنياًّ وأما لحم الفلسطيني النادر والمتميز من بين كل لحوم البشر والمر في أفواه أعدائه كالعلقم والحصرم وما كان وما يكون وما سيكون أمرَّ منهما فقد تم إثبات أصله قرآنياًّ كذلك.  عنصرالحديد؛ عندما تم تحليله وُجد أنه ليس فيه شيءٌ البتَّةَ من عناصر الأرض كالبترول والذهب واليورانيوم مثلاً رغم أن 35% من مكونات الأرض منه أي من الحديد ويثبت ذلك قول الله الحق “وأنزلنا الحديدَ فيه بأسٌ شديدٌ ومنافعُ للناس..(سورة الحديد 25)” إذن الحديد منزَّل ولماَّ كان الإنسان أصلاً ليس من سكان الأرض وإنما من سكان الجنة ولماَّ لم يحترم نفسه وأساء التصرف أنزله الله إلى الأرض وأنزل معه أوقبله أوبعده الحديد ليعينه على أن يبنيَ له في الأرض حياة لأن الحديد يدخل في كل شيء ويدخل كل شيء فيه ولولاه لما استطاع الإنسان في الأرض أن يأكل أوأن يشرب أوأن يلبس أوأن يركب أوأن يصنع أوأن يزرع أوأن يرد اعتداء الآخرين من بني آدم عليه.

أكاد أُجزم أنه لم يتعرض شعب في الأرض لقتل وتعويق وتشويه وتنكيل وتدمير وتشرد ولجوء وتعذيب واعتقال وسَجنٍ كما تعرض له الشعب الفلسطيني على يد الإنجليز ثم بدءاً من 1945 (قبل قيام إسرائيل الرسمي في 1948) وحتى هذه اللحظة التي نشهدها في غزة وبقية أراضي فلسطين على يد صهاينة ما يُعرف بإسرائيل.  رغم كل الإبادات الجماعية والمذابح والمجازر والهولوكوستات التي ارتكبتها “إسرائيل” ضد أطفال ونساء وشيوخ وشيبان وشباب فلسطين على مدى نحوالعقود السبعة الماضية على الأقل من غير التوغل أكثر وأعمق في التاريخ فإن الفلسطينيين يزدادون عدداً وعُدّةً وكرامةً وعزةً وشموخا واليهود الصهاينة في “إسرائيل” وخارجها يتناقصون في ومن حيث كل شيء.  كأني برسول الله (صلى الله عليه وسلم) حينما كان يقول “تناسلوا تكاثروا فإني مباهٍ بكمُ الأممَ يوم القيامة” يقصد بالتحديد الفلسطينيين.  لأنهم يكادون يكونون الوحيدين من بين كل أمته من يستحقون أن يباهيَ بهم يوم القيامة لجَلَدهم وعزة نفوسهم وإبائهم للضيم وطلبهم للموت في سبيل قدس المسلمين وأهل التوحيد وأقصاهم الذي إليه أُسريَ ومنه عرج إلى “سدرة المنتهى” للقاء ربه.

لحم الفلسطيني لحم مقاومٌ عنيدٌ بالفطرة يختلف من حيث تكوينه عن لحوم كل البشر فهومكوِّن شعب “الجبارين” كلما تفنيه آلة الحرب والتدمير ويتلقى الطعنات والرصاص والصواريخ والقنابل ينبت من جديد أكثر مقاومةً وعناداً- يفوق “العنقاء” في خُرافية شموخه.  في كثيرٍ من الأحايينِ ينتابني شعورٌ أن لحم الفلسطيني متوحد مع الحديد أوأن الحديد متوحد معه؛ فقد أعطاه خواصه في الصلابة والمتانة والبأس الشديد وفي المنفعة أيضاً أوأن لحم الفلسطيني هومن أعطى الحديد خواصَّه فكلاهما منزلٌ من السماء- الحديد ولحمُ الفلسطيني:  عنصرانِ مترفعانِ عن كل ما ومن في الأرض؛ مشرئبّانِ نحوالسماء لأنهما أصلاً من السماء.

لا غروإذن؛ أن يختار الله أرض السماء أرض فلسطين وأرض أهل السماء “الفلسطينيين؛ شعب الجبارين” ليكونوا شهداء على مسرى رسوله؛ الرحمة للعالمين كافةً من أرضهم- أرض السماء ومن المسجد الأقصى ومنه معراج رسوله إليه سبحانه. لن أتحدث عن الماضي فهومعروف فقد لفت انتباهي هذه الأيام في غزة كمية الحديد التي ألقتها “إسرائيل” في شكل قنابل وصواريخ من حديد طائرات الإف 16 الأمريكية الصنع (يوجد مثلها المئات في بلدان عربية كثيرة أُنفقتْ على شرائها مئات المليارات تُستعمل لحرق الشعوب وللإستعراضات لتخويف الشعوب وتكريس السلطة الظالمة) على أهل غزة؛ أهل السماء- غارات على مدى ستة أيام (حتى كتابة هذه السطور) بمعدل غارة كل ثلاث دقائق يومياًّ (حتى كتابة هذه السطور.) يداهمني شعورٌ آخر أن الحديد (المنزل من السماء) المتساقط على أهل السماء؛ أهل غزة رفيق بهم لأنهم منه وهومنهم فلوأُلقيت الكمية نفسها على مدينة كبرى في العالم مساحتها آلاف الأميال المربعة لَأبادتْها عن بكرة أبيها فما بالك بمدينة كل مساحتها مائة وخمسين ميلاً مربعاً وأما الشهداء الذي أصابهم الحديد بين قتيل وجريح فهولم يُصبهم وإنما رفعهم وارتقوا إلى السماء حيث ينتمون وينتسبون إلى جوار الله. فأي توحدٍ هذا الذي بين الحديد ولحم الفلسطيني..!

رغم الحصار العربي والدولي الخانق على أهل السماء؛ أهل غزة ورغم أنَّ على بعد أميال فقط تقبع “إسرائيل” المغتصبة لأرض فلسطين؛ أرض السماء ومغتصاباتها المنتشرة كقمل الكلاب إلى الجنوب من غزة إلا أن الحديد يأبى إلا أن يكون جندياًّ في يد الفلسطينيين.  يطوّع الحديد نفسه لهم ويطيعهم وهم يلملمون بقايا صواريخ  “إسرائيل” على أرضهم ويعيدون تشكيلها كفناني ال”سْكلبجَر” ويصنعون من حديدهم صواريخ حولت حياة الصهاينة في فلسطين من تل أبيب وحيفا إلى عسقلان إلى جحيم يومي.  نشرت (هاآرتس) الجمعة أن خمسة ملايين “إسرائيلي” يترددون على الملاجىء يوميا تحسباً من صواريخ الفلسطينيين البدائية محلية الصنع مقارنة بصواريخ “إسرائيل” وطائراتها الإف 16.

خالق الخلق الأعلم بطبائع خلقه ” ألا يعلم من خلقَ وهواللطيفُ الخبير (سورة الملك)” وصف الشعب الفلسطيني “بشعب الجبارين” بقوله جلَّ في عُلاهُ: “قالوا (أي اليهود) يا موسى إن فيها (أي في فلسطين) قوماً جبارين..(سورة الأعراف 40)” وقد ورد ذلك في الصفحة 157 من التفسير الكبير للإمام فخر الدين الرازي.  وصفه (محمود درويش) :  ” يا حقل التجارب للصناعات الخفيفة والثقيلة ’ أيها اللحم الفلسطينيُّ ’ يا موسوعة البارود منذ المنجنيق إلى الصواريخ التي صُنِعَتْ لأجلك في بلاد الغرب , يا لحم الفلسطينيَّ في دُوَل القبائل والدويلات التي اختلفت على ثمن الشَّمَنْدَرِ, والبطاطا , وامتياز الغاز , واتَّحَدتْ على طرد الفلسطينيَّ من دَمِهِ..تَجَمِّعْ أيها اللحمُ الفلسطينيُّ في واحدْ..تَجَمَّعْ واجمع الساعدْ..لتكتبَ سُورَةَ العائدْ.