جغرافیا تالش
منطقة تالش تبلغ مساحتها حوالي 28408 کیلومترا مربعا تقع علی طول الساحل الجنوب الغربي لبحر الخزر وتمتد من شمالي مستنقع أنزلي حتی مصب نهر کورا في الجمهوریة الآذربایجانیة وتحد من الشرق ببحر القزوین ومن الغرب بجبال تالش. الجزء الشمالي من هذه المنطقة تم إضافتها إلی روسیا وفقا لاتفاقیة کلستان بعد انتهاء الحرب الأولی بین إیران وروسیا. وبسبب استیاء الشعب من الروسیا وطرد القوی الروسیة من منها انضمت المنطقة لإیران مرة أخری ومع بدایة اقتحام الروسیا الجدید وإخفاق إیران في الحرب انتهی الأمر إلی عقد اتفاقیة ترکمنجاي وانصم هذا الجزء من تالش إلی روسیا للمرة الثانیة. مع إسقاط نظام روسیا القیصري في 1917م انضمت تالش الشمالي إلی أراضي الجمهوریة مغان الجدیدة ولکنها بعد اقتحام المساواتیین لأراضي هذه الجمهوریة انضم هذا الجزء من تالش إلی أراضیهم وأخیرا مغ غلبة البلاشفة علی قوقاز وإسقاط الدولة المساواتیین وتشکیل الاتحاد السوفیاتي انضم الجزء الشمالي لتالش إلی الجمهوریة الآذربایجانیة وبعد انهیار الاتحاد السوفیاتي واستقلال الجمهوریة الآذربایجانیة هذا الجزء من تالش لا یزال في أراضي هذه الجمهوریة.
وتقع الجزء الجنوبي من هذه المنطقة في إیران ومن حیث الانقسامات هي جزء من محافظة جیلان وتشتمل علی مدن آستارا وتالش وأسالم وبره سر ورضوانشهر وماسال. وأما الجزء الشمالي منها التي تقع في أراضي الجمهوریة الآذربایجانیة تشمل علی مدن لنکران وجلیل آباد وماساللي وآستارا ولریک ویاردیملي.
المعالم الجغرافیة
منطقة تالش قطاع مکون من غابات مرطوبة ونظرا لبیئته تنقسم علی ناحیتين مختلفتین تماما الأراضي السهلة في الشرق والجبلیة في الغرب وعرض السهل یتراوح بین کیلومتر واحد و 5 کیلومترات والجزء الجبلي محفوف بالغابات والمراعي الواسعة. والطقس في الناحیة السهلة معتدل ومبلل وفي الناحیة الجبلیة مبلل وبارد والأمطار السنویة تتراوح بین 1800 إلی 1300 میلي لیتر.
وجبال تالش تمدد في اتجاه الشمال الغربي إلی الجنوب الشرقي بطول 270 کیلو مترا وتتألف من جبال کثیرة وأهمها کما یلي: جبل آق داغ علی ارتفاع 3322 مترا وجبل سبله خوني علی ارتفاع 3110 مترا وجبل میریش یوردي علی ارتفاع 2948 وخیل کاه علی ارتفاع 2860 مترا وهناک تجري کثیر من الأنهار التي تنبع من جبال تالش وکثیر منها تتدفق نتیجة ذوبان الثلوج وتصب ببحر القزوین ومن أهمها في الناحیة الجنوبیة: نهر شاندرمن وشفارود ولمیر وکرکان رود ولندویل وآستارا وفي الناحیة الشمالیة أیضا نهر ویلشن ولنکران وتنک رود.
ومنطقة تالش هي من أهم المناطق الخصبة بسبب تمتعها بالطقس الملائم وخصوبة التربة ومن منتجاتها الزراعیة الرز والحبوب والشاي والتبغ والکیوي وعلاوة علی هذا تربیة دودة القز وتربیة المواشي وصید الأسماک هي من أهم المصادر الاقتصادیة في تالش. أهل السنة في تالش وأهل السنة کثیرا ما یقطنون في مدن رضوانشهر (60%) وبره سر (80%) وأسالم (70%) وتالش (60%) وآستارا (30%).
وقبل ظهور الدولة الشیعیة التي تأسست في إیران علی ید الشاه إسماعیل قبل خمسة قرون کان السکان تالش من أهل السنة لکن بعد اقتحام المدن الإیرانیة واحدة تلو أخری تعنق کثیر من ساکني تالش مذهب الشیعة إلا أن معظمهم تمسکوا بمذهبهم وبقوا علی ما کانوا علیها منها معظم منطقة رضوانشهر وبره سر وأسالم وهشتبر وجزء من آستارا. لعل من أهم أسباب بقائهم هي علاقتهم بشیوخ المناطق الکردیة واعتناقهم مذهب التصوف. ولشیوخ التصوف من النقشبندیة والقادریة أتباع في هذه المناطق ولا یزال هناک من یمسکون بطقوسهم العبادیة رغم أن بعضها إلی حد ما حادت عن مبدأ التصوف البحت وانحرفت قدرا ما؛ مع ذلک لا یمکن تجاهل دورهم في بقاء أجزاء کبیرة من تالش علی مذهب السنة.
وقبل الثورة الإسلامیة کان هناک تصلی صلاة الجمعة في بلدتي هشتبر وبره سر ولکن في إبان الثورة ذهبت جماعة من الطلاب الدینیة إلی جنوب وشرق البلاد وبعضهم إلی المناطق الکردیة ثم عادوا وبنوا الحجر الأساس للصحوة الإسلامیة في هذه المنطقة والیوم نری کثیرا من الطلاب والمساجد المعمرة ویصل عدد المساجد التي تصلی فیها صلاة الجمعة إلی أکثر من 35 مسجدا.
أهم المدن
هشتبر (تالش): هذه المدینة الواقعة وسط تالش أکبر مدینة في منطقة تالش وجاء في سبب تسمیتها أنها کان هناک قصر کبیر ذو ثمانیة أبواب (هشت + بر). وفیها ستة مناطق ریفیة وهي خطبه سرا وحویق وجوکندان وجوبر وطولارود ولیسار ویبلغ عدد سکان المدینة 52 ألف نسمة وبالإضافة إلی القری المجاورة یبلغ 142 ألف نسمة وأکثر من نصف ساکنيها من أهل السنة ولهم في المدینة مسجدان؛ المسجد الجامع المحمدي ومسجد النبي الأکرم في قریة تیتک التي اتصلت أخیرا بالمدینة وفیها أیضا مدرسة إسلامیة للذکور والإناث.
رضوانشهر: وهذه المدینة تقع جنوب تالش ویبلغ عدد سکانها 16 ألف نسمة وبالإضافة إلی القری المجاورة تبلغ 30 ألف نسمة وتتألف من منطقتین ریفیتین خوشابر وگیل دولاب. وأکثر من نصف سکان المدینة هم من أهل السنة.
بره سر: مدینة صغیرة تقع علی طول الطریق الرئیسي لتالش وعدد سکانها تبلغ عشرة آلاف نسمة وبالإضافة إلی القری المجاورة تبلغ 30 ألف نسمة ولها منطقتین ریفیتین دیناجال وییلاقي ارده. وسبب تسمیتها أنها تتألف من کلمتي بره (مصیدة) وسر(منتهی) أي منتهی المصیدة إشارة إلی مهنة صید الأسماک و80% منهم من أهل السنة ولهم مسجدان في داخل المدینة؛ جامع شرفي وتصلی صلاة الجمعة فیها منذ عقود قبل الثورة ومسجد محمد رسول الله.
أسالم: مدینة صغیرة جمیلة ومن أعظم المدن التالشیة دینیة کما تبدو من اسمها (أسالم: السلم والسلیم) ویبلغ عدد سکانها عشرة آلاف نسمة وبالإضافة إلی القری المجاورة یبلغ 40 ألف نسمة وهی تتألف من ثلاثة قری ریفیة وهي أسالم وخاله سرا وخرجکیل وأکثر من 80% من سکانها من أهل السنة وفیها أجمل مساجد أهل السنة منها جامع الفاروق الأعظم في داخل المدینة وبجوار الطریق الرئیسي وجامع أبی بکر الصدیق في قریة خرجکیل بجانب الطریق السیاحي أسالم خلخال.
آستارا: مدینة ساحلیة قرب الحدود الإیرانیة الآذربایجانیة ویبلغ عدد سکان المدینة 48 ألف نسمة وباحتساب المناطق الریفیة یبلغ 85 ألف نسمة ولأهل السنة مسجد واحد في المدینة جامع أبی بکر الصدیق وتتألف آستارا من أربعة مناطق ریفیة وهي حیران ویرمونی ولوندویل وجلوند والأخیرتان فیها أهل السنة. وسبب تسمیتها أنها تتألف من کلمتي آسته (البطيء) ورو (المشي) في اللغة التالشیة أي المشي البطيء نظرا لتربها المستنقعي.
المعالم السیاحیة والأثریة
المسجد الأبیض (ایسبیه مزگت) بناء أثریّ قرب مدینة بره سر ویتألف من کلمتي "ایسپي" أی الأبیض و "مزگت" أي المسجد فی اللغة التالشیة، والآن یقع هذا المسجد في منطقة نائیة وخال من السکان وأصبح یتعرض للتدمیر عام بعد عام.
قلعة لیسار أو قلعة سلسال الواقعة علی بعد 15 کیلومترا من مدینة هشتبر وعلی ارتفاع 100 متر من الأراضي المجاورة وتم إحداث مبنی القلعة علی الصخور بالقرمید والملاط.
مرتفعات حیران: الطریق المتعرج الذي یشق هذه المرتفعات یشکل مناظر سیاحیة خلابة.
الشلالات: نظرا لکثرة الأنهار والغابات والمناطق الجبلیة المرتفعة هناک شلالات کثیرة منها شلال ویسادار قرب بره سر وشلال سوباتان في أقصی مرتفعات تالش وشلال لاتون في لوندویل وهو الأعلی في إیران ویبلغ ارتفاعه 105 أمتار.
طریق أسالم خلخال: المناظر الخلابة التي تقع بجوار هذا الطریق أصبحت منطقة سیاحیة جمیلة التي تتألف من الغابات الکثیفة والقری المحیطة ذات بیوت خشبیة ومراعی بدیعة والعیون التي تجري في کل مکان.
منطقة کیسوم الساحلیة: بعد المرور من غابة کثیفة یمکن الوصول إلی منطقة کیسوم الساحلیة علی بعد 10 کیلومترات من مدینة أسالم وفیها من مختلف الخدمات الرفاهیة.
الشخصیات
الإمام عبد القادر جیلاني ولد في مدينة صغيرة اسمها بشتير - وهي إحدی قری مدینة صومعه سرا علی بعد 30 کیلومترا من مدینة رشت مرکز المحافظة - وكان الشاب قد وصل بغداد سنة 488هـ في عهد الخليفة العباسي المستظهر بالله واستقر فيها. وكان قد أمضی من عمره النفيس ثلاثين عاما يدرس فيها علوم الشريعة أصولها وفروعها ، وقد كابد خلال هذه الفترة الطويلة ضيق العيش ومرارة الحرمان حتی صار عالما بارعا فریدا في زمانه لیوافیه الأجل المحتوم سنة 561هـ.
والطريقة التي أسسها الشيخ عبد القادر الجيلي تستند على الكتاب والسنة وعلى هذا الأساس اكتسبت ثوباً قوياً جعلت الناس أن يوصفوها بأنها زبدة الدين الإسلامي الحنيف وخلاصته وقد نالت هذه الطريقة رغبة لما عُرفت بالصلاح والزهد ولم يدخلها الغلو. وقد انتشرت في جميـع البلدان الإسلامية وغير الإسلامية.
الشیخ زاهد جیلاني ولد الشیخ زاهد سنة 615هـ في قریة بوته سر من قری آستارا وعاش في زمن الدولة الإیلخانیة وکان أجداده من سنجان بخراسان وهو مؤسس الطریقة الزاهدیة وکان من أکابر الصوفیة في القرن السابع ولقب بزاهد لشدة ورعه وزهده ومن أشهر تلامیذه الشیخ صفي الدین الأردبیلي سلف الملوک الصفویة وتوفي الشیخ سنة 700هـ ومرقده في شیخانور علی بعد بضع کیلومترات من لاهیجان بناء علی أصح الأقوال.
الشیخ محمد سعید نقشبندي ولد الشیخ محمد سعید سنة 1288هـ بقریة عنبران من القری التالشیة وبدأ دروسه الابتدائیة ودراسة العلوم العربیة والإسلامیة في إحدی القری الآذربایجانیة وهو من العلماء البارزین في طوالش ویعظمه أهل السنة بتالش، وفي أوان شبابه سافر إلی استطنبول لإکمال دراساته وحب طلب العلم وتزکیة النفس جلبه إلی أم القری فسافر إلی مکة المکرمة حیث مکث هناک سنتین وبعد العودة من مکة المکرمة والمدینة المنورة التحق بجامعة الأزهر في مصر ومکث فیها بضع سنین. ثم عاد إلی الوطن وبدأ نشاطاته الدعویة ورحلاته حتی ارتحل عن سن یناهز 95 عاما.
ومن العلماء المعاصرین یمکن الإشارة إلی:
الشیخ جمیل الدین مهاجري: هو من أجل العلماء المعاصرین ولد سنة 1443هـ في مدینة أسالم وبعد أن درس جزءا من العلوم الدینیة في تالش سافر إلی المناطق الکردیة في العراق والتحق بمدرسة بیارة لیکمل دراساته لمدة عشرة أعوام ثم عاد إلی المنطقة وبدأ نشاطاته الدعویة ولا یزال مستمرا فیها.
الشیخ محمد شافي قریشي: من کبار العلماء والدعاة في المنطقة أکمل دراسته في المناطق الکردیة لیصبح خطیبا بارعا وداعیا نشیطا ثم عاد إلی الوطن في إبان الثورة الإسلامیة وبدأ فعالیاته الدعویة. وقد بنی مساجد کثیرة وهو مؤسس المدرسة الدینیة في تالش. وله دور کبیر في تصحیح معتقدات الناس وتشجیع الطلاب الدینیة وقد أمضی سنتین من عمره في السجن في فترتین وله براعة في الشعر وقد بین کثیرا من معتقدات أهل السنة بلغة الشعر.
الآراء