الحمد لله والصلاة والسلام علی رسول الله وعلی آله وصحبه ومن والاه؛ ها هو لبعض المصطلحات والمفاهیم الدینیة اللازمة للفقهاء والدعاة الإیمان

الإیمان في اللغة: التصدیق: "ما أنت بمؤمن لنا ولو کنا صادقین"[یوسف:17].

وفي اصطلاح الشرع: التصدیق بما جاء به الرسول الکریم محمد صلی الله علیه وسلم مما علم من الدین بالضرورة أو ما أشبهها من الأدلة الیقینیة.واختلفوا في اشتراط النطق بالشهادتین لصحة الإیمان: فذهب جمهور الأشاعرة والماتردیة إلی أنها شرط لإجراء أحکام المؤمنین علیه في الدنیا وأما المعذور فلا.

الإسلام في اللغة: الاستسلام والإذعان وترک التمرد وفي اصطلاح الشرع: الامتثال والانقیاد لما جاء به النبي مما علم من الدین بالضرورة أو قام علیه الدلیل الیقیني.

ما هي العلاقة بین الإیمان والإسلام؟

قال بعض العلماء إنهما مختلفان مفهوما ومتحدان مصداقا وقال بعض إن بینهما العموم والخصوص إذا أرید بهما من حیث هو هو؛ فیجتمعان فیمن صدق بقلبه وانقاد بظاهره فیقال عنه إنه مؤمن ومسلم وینفرد الإیمان فیمن صدق بقلبه فقط وینفرد الإسلام فیمن انقاد بظاهره فقط وهذا مذهب جمهور الأشاعرة والماتریدیة.

العقیدة في اللغة: هي ما یعقد الإنسان قلبه علیه وفي الاصطلاح: العلم الذي یبحث فیما یجب علی الإنسان أن یعتقده ویؤمن به ویقیم علیه البرهان الصحیح الذي یفید الیقین. الاعتقاد هو الحکم الجازم القابل للتغییر طابق الواقع أم لا؛ فإن طابق الواقع فهو اعتقاد صحیح وإن لم یطابقه فاعتقاد فاسد.

الدین في اللغة: یطلق علی الجزاء والعادة والعبادة والطاعة والحساب والغلبة والسلطان والسیرة والتدبیر والتوحید و... وفي الاصطلاح: هو وضع إلهي سائق لذوي العقول السلیمة باختیارهم المحمود إلی ما فیه صلاحهم بالذات في دنیاهم وأخراهم وبهذا المعنی شامل لمبادئ العقیدة والفقه بجوانبه المتعددة. أصول الدین وهو یطلق علی المبادئ العقدیة التي تثبت بالأدلة الیقینیة ویقابله أصول الفقه الذي یراد به الأدلة الإجمالیة.

وعدّ الإمام الإسفرایني أصول الدین علی خمسة عشر أصلا:

1- بیان الحقائق والعلوم.

2- معرفة صانع العالم ونعوته في ذاته.

3- حدوث العالم علی أقسامه من أعراضه وأجسامه.

4- معرفة صفات الله القائمة في ذاته.

5- معرفة أسمائه وأوصافه.

6- معرفة عدله وحکمه.

7- معرفة رسله وأنبیائه.

8- معرفة معجزات الأنبیاء وکرامات الأولیاء.

9- معرفة أرکان شریعة الإسلام.

10- معرفة أحکام التکلیف في الأمر والنهي والخبر.

11- معرفة أحکام العباد في المعاد.

12- بیان أصول الدین.

13- أحکام الإمامة وشروط الزعامة.

14- معرفة أحکام العلماء والأئمة.

15- في بیان أحکام الکفر وأهل الأهواء الفجرة.

التوحید

علم یقتدر به علی إثبات العقائد الدینیة المکتسبة من أدلتها الیقینیة ویسمی أیضا علم الکلام. عرف الإیجي علم الکلام فقال: الکلام علم یقتدر به علی إثبات العقائد الدینیة بإیراد الحجج ودفع الشبهة[المواقف للإیجي ص 27].

وعلم التوحید هذا هو ما یسمی بعلم العقیدة وبعلم الکلام وبأصول الدین. ومن المؤکد أنه لم یکن منذ فجر الإسلام علم یدعی علم التوحید أو علم الکلام؛ لأن الأمة الإسلامیة آنذاک لم تکن بحاجة إلی ذلک إذ أنهم کانوا یسمعون آیات الله عن العقیدة فیمرونها کما هي من غیر تفلسف ولا تعمق ولا جدال ولا مناقشة.

1- مصادر المعرفة في العقیدة الإسلامیة التفریق بین عالم الغیب وعالم الشهادة:

عالم الغیب: هو ما لا یدرک بالحواس وهو موجود والأمور التي غابت عن شهودنا سمي عالم الغیب کالروح في أجسامنا.

عالم الشهادة: هو ما یدرک بالحواس وهو مادي لو وجدت لدینا الحاسة المناسبة التي نتمکن بوساطتها من کشف صورها.

فطریق الوصول إلی معرفة عالم الغیب معرفة حقیقیة هو الوحي الإلهي الذي جاء به الرسل ویصل إلینا ذلک الوحي عن طریق الخبر الصادق المتواتر غیر أن الإنسان قد یصل إلی معرفة شيء من ذلک عن طریق التأمل والتفکر والنظر العقلي. وأما عالم الشهادة فطریق الوصول إلی معرفته التأمل والتفکر والنظر العقلي والتجربة والمشاهدة.

2- منهج المعرفة عند المسلمین مقارنا بالمناهج الأخری:

العلم الضروري والعلم النظري ما یحدث في نفس الإنسان من الأحکام خمسة أقسام:

الأول: العلم وهو الحکم الجازم الذي لا یقبل تغییرا بأن کان لموجب من حس أو عقل أو عادة ویکون مطابقا للواقع وهو أیضا علی نوعین:

- العلم الضروري وهو ما لا یحتاج في تحصیله إلی نظر وتأمل واستدلال کالعلم بأن الواحد نصف الاثنین وأن الکل أکبر من الجزء.

- العلم النظري ویسمی العلم الاکتسابي وهو ما یحتاج في تحصیله إلی نظر وتأمل واستدلال کالعلم بحدوث العالم وقدَم صانعه ووحدانیته وما إلی ذلک.

الثاني: الظن وهو الحکم غیر الجازم المرجح للواقع عن دلیل.

الثالث: الشک وهو ما تساوي فیه طرف الإثبات وطرف النفي من غیر ترجیح.

الرابع: الوهم وهو الحکم المرجوح وهو ما یقابل الظن.

الخامس: الجهل وهو علی قسمین: جهل بسیط وهو انتفاء العلم المقصود ومرکب وهو إدراک الشيء علی خلاف ما هو به في الواقع.

وقد أضاف قوم بعد العلم قسما سادسا وهو الاعتقاد وعرفوه بأنه الحکم الجازم الذي یقبل التغییر بأن لم یکن لموجب من حس أو عقل أو عادة وهو صحیح ما طابق الواقع وفاسد ما خالفه.

مصادر المعرفة بشکل عام لقد قسم العلماء العلوم النظریة إلی أربعة أقسام:

- الخبر الصادق وهو ما یکون عن طریق الخبر المتواتر کعلمنا بأن مکة موجودة وعلمنا بأن الله قد أرسل رسولا اسمه محمد.

- التجربة وهي ما یکون من جهة التجارب والعادات مثل ما یعرف في الطب من منافع الأدویة ومضارها وما أشبه ذلک.

- العقل وهو ما یکون من طریق العقل بالنظر والقیاس وذلک کالعلم بحدوث العالم والعلم بأن الخطین المتوازیین لا یتلاقیان.

وزاد البعض الإلهام وهو إیقاع شيء في القلب یثلج الصدر یخص به الله تعالی بعض أصفیائه ولا شک إن سبیل الإلهام لا مجال لإثبات شيء عن طریقه في أمور العقیدة إلا إذا صدر من الرسول.

1- دراسة العقیدة الإسلامیة وهي علی منهجین:

- منهج القرآن الکریم وهذا ما نسمیه مذهب السلف.

- منهج الأدلة العقلیة والبراهین المنطقیة وهذا ما نسمیه مذهب الخلف أو منهج المتکلمین.

أ: طریقة القرآن الکریم: إن القرآن الکریم اعتمد في دعوته إلی الإیمان بالله وما یتصل بذلک علی أساس فطري فکل إنسان یکون مفطورا علی الاعتقاد بوجود إله خالق لهذا العالم فالناس جمیعا یکادون بفطرتهم یجمعون علی ذلک مهما اختلفت أسماء هذا الخالق عندهم. فالقرآن یخاطب الناس بما یوقظ هذه الفطرة ویبعث هذه العاطفة الدینیة وینمیها [یس:33-40]، [الحج:73-74]. ثم إنه غذی هذه الفطرة بطلب التأمل والتفکر في کل ما حولنا [الطارق:5-8] [عبس: 24-32]، [الغاشیة:17-20]، [یونس:101]، [بقرة:164]. کما سلک في الدعوة إلی التوحید [الأنبیاء:21-22]، [المؤمنون:91]، [الحج:18].

ب: طریقة المتکلمین: فهم آمنوا بالله تعالی وما جاء به رسوله الکریم إلا أنهم أرادوا أن یبرهنوا علی ذلک بالأدلة العقلیة المنطقیة.

2- الحکم في العقیدة:

أ: أقوال علماء أصول الدین الأقدمین: إن المکلف شرعا یجب علیه أن یعرف الله یقینا[محمد: 19] معرفة الجزم وکونها مطابقة للواقع وکونها ناشئة عن الدلیل. والمقلد: إنما یأخذ بقول دون أن یعرف دلیله وهو مؤمن عاص إن کانت فیه أهلیة النظر وإلا فهو مؤمن غیر عاص والمراد بالنظر: النظر الموصل لمعرفة الله عز وجل بالأدلة العقلیة والمنطقیة وهذا یشمل الناس جمیعا أهل المدن والقری والبوادي ویشترط أن تبلغه الدعوة حتی تکتمل شروط التکلیف لأن شروط التکلیف عبارة عن: العقل والبلوغ وسلامة الحواس[السمع والبصر] وبلوغ الدعوة. حکی الآمدي اتفاق أصحاب الشافعي علی انتفاء کفر المقلد[شرح جوهرة التوحید؛ باجوری؛ ص 55] وذکر الحافظ ابن حجر العسقلاني عن بعضهم أنه أنکر وجوب المعرفة أصلا وقال بأنها حاصلة بأصل الفطرة[الروم:30] وحدیث کل مولود یولد علی الفطرة[البخاري].

قال ابو منصور الماتریدي: أجمع أصحابنا علی أن العوام مؤمنون عارفون بربهم وأنهم حشد الجنة کما جاءت به الأخبار فإن فطرتهم جبلت علی توحید الصانع وقدمه وحدوث ماسواه وإن عجزوا عن التعبیر عنه باصطلاحات المتکلمین[شرح جوهرة التوحید؛ باجوری، ص 56-57]. قال السبکي في إیمان المقلد: أن یجزم المقلد بصحة قول المقلَّد جزما قویا بحیث لو رجع المتبوع لم یرجع التابع کفاه في الإیمان.

ب: نتائج النظر والتفکر في الآیات الکونیة والإعجاز العلمي في کتاب الله: نهی القرآن علی العرب المشرکین تقلیدهم الأعمی ودعاهم إلی استخدام عقولهم أکثر من سبعین مرة وبما یشمل علی جمیع مسمیات العقل ووظائفه: 1- استهدف القرآن بالنظر في الآیات الکونیة نظرا ملموسا ومشهدا محَسّا [البقرة:164].

2- لقد عدَّ القرآن التفکر في معاني الآیات الکونیة الدالة علی وجود الله وإبداعه وقدرته[النحل:15].

3- الإعجاز العلمي في کتاب الله تعالی لا ریب أنه یسهم في تقویة الإیمان ویدفع الفتن والشکوک التي ألبسها الإلحاد ثوب العلم. وفي عهد علي بن ابي طالب نشأت فرقتان مختلفتان کل الاختلاف ومتناقضتان کل التناقض:

إحداهما غالت فیه حتی جعلته إلها ولقد أمر علي بإحراقهم فألقوا في النار [الأعلام للزرکلي في ترجمة ابن سبأ].

والثانیة للخوارج: خرجوا علی علي عندما رضي بالتحکیم وقالوا لا حکم إلا لله وها هي آراء الخوارج في أصول الدین نوجزها فیما یلي:

1- أجمع الخوارج علی تکفیر علي عندما رضي بالتحکیم ثم اختلفوا هل یعد کفره شرکا أم لا؟

2- أجمعوا علی أن مرتکب الکبیرة کافر مخلد في النار إلا النجدات منهم[الملل والنحل؛ شهرستاني 1/122].

3- إذا أختیر أحد للخلافة فلا یصح أن یتنازل أو یحکم ولیس بضروري أن یکون الخلیفة قریشیا بل یصح أن یکون من غیرهم.

4- الخروج علی السلطان الجائر في غیر مواربة ومن غیر نظر إلی قوة الإمام وقوة الخارج علیه وهذا عکس ما ذهب إلیه الشیعة من القول بالتقیة. لم یقتصر في الإمامة علی خروج هاتین الفرقتین – الخوارج والشیعة – بل انضم خروج فوق أخری سبب الاختلاف في الأصول:

أحدهما: الجبریة وأهم فرقها تدعي أن العبد لیس فعل ولا قدرة علی الفعل تفنیان بعد دخول أهلهما؛ وأن الإیمان هو المعرفة بالله فقط وأن علم الله محدث وأن لعلم الله وقدرته غایة ومن زعماء هذه الفرقة الشاذة جهم بن صفوان.

الثانیة: المعتزلة ومن آرائهم نفي صفات المعاني من العلم والقدرة والإرادة والحیاة والسمع والبصر والکلام و من آرائهم أیضا نفیهم رؤیة الله یوم القیامة ومنها أن الله لم یخلق أفعال العباد لا خیر ولا شرا ومنها قولهم بالمنزلة بین المنزلتین؛ فالمسلم مرتکب الکبیرة لیس بمؤمن ولا کافر وهو مخلد في النار إلا أنه لا یعذب کعذاب المشرکین ومنها أن علی الله أن یختار الأصلح لعباده ومن زعماء المعتزلة واصل بن عطاء وکان تلمیذا للحسن البصري.

الثالثة: القدریة ظهر في النصف الثاني من القرن الهجري الأول رجل یدعی معبد الجهمي أخذ ینشر بین الناس القول بنفي القدر أی أن الأمر مستأنف من غیر أن یکون سبق به سابق قضاء وتقدیر وإنما هو علی اختیارک ودخولک فیه؛ والعلماء یحذرون الناس من هذه الفکرة[أنظر لحدیث مسلم في الإیمان 8/1 وابو داوود 4691 والحاکم في المستدرک 1/8].

الرابعة: المرجئة وهؤلاء یقولون إن الإیمان هو المعرفة بالله فقط ولا تضر مع الإیمان معصیة کما لا تنفع مع الکفر طاعة. نشأة علم الکلام وأسبابها عندما آل الأمر إلی بني عباس کثر البحث في العقائد في عصرهم وتشعبت طرائق الکلام عنها وقد تعاون علی نشوئه وارتقائه أسباب کثیرة بعضها داخلیة وبعضها خارجیة؛ وعني بالأسباب الداخلیة الاسباب التي صدرت من طبیعة الإسلام نفسه والمسلمین أنفسهم وعني بالأسباب الخارجیة الأسباب التي أتت من الثقافات الأجنبیة والدیانات المختلفة غیر الإسلام. الأسباب الداخلیة:

أهمها:

1- عرض القرآن الکریم لأهم الأدیان والفرق وردّه علیهم وعرض للشرک بجمیع أنواعه فمن المشرکین من ألّه الکواکب واتخذها شریکة لله[الأنعام:76-79] ومنهم من ألّه عیسی وردّ علیهم في مواطن کثیرة[المائدة: 116-117] وحمل علی الذین قالوا بعبادة الأوثان وأشرکوا مع الله[الحج:37-74]. وحکی عن قوم أنکروا النبوات جمیعا[الإسراء:94] وأنکر قوم بنوة محمد[الإسراء:90-93] فناقشهم القرآن في کثیر من موضع وأنکر قوم البعث بعد الموت فردّ علیهم[الأنبیاء:104]، [الحج:7-5]، [یس:77-79] وعرض لمسائل التکلیف والجبر والاختیار وأبان الحجة فیها[الأنعام:148]، [النحل:35].

2- فلسفة الدین: وذلک أن المسلمین لما فرغوا من الفتح واستقر بهم الأمر أخذت عقولهم تتفلسف في الدین فتثیر خلافات دینیة فکان ذلک یستبع حتما اختلاف وجهة النظر فاختلاف الآراء والمذاهب.

3- اختلافهم في أمور دینیة تتعلق بالسیاسة: لقد اختلف المسلمون بعد وفاة رسول الله في أمر الخلافة فتفرق الناس في ذلک أحزابا فلأهل السنة رأي وللشیعة رأي وللخوارج رأي وقد أصحبت هذا الفرق دینیة تؤید ما ذهبت إلیه بأدلة دینیة.

الأسباب الخارجیة لنشوء علم الکلام:

أهمها:

1- کثرة من دخل في الإسلام من أرباب الدیانات المختلفة وذلک أن کثیر ممن دخلوا بعد الفتح کانوا من دیانات مختلفة یهودیة ونصرانیة ومانویة وزرادشتیة وبراهمة وصائبة ودهریین وغیر ذلک وکانوا قد نشؤوا علی تعالیم هذه الدیانات وشبوا علیها وکان ممن أسلم علماء في هذه الدیانات فلما اطمأنوا وهدأت نفوسهم واستقرت في الدین الجدید والإسلام أخذوا یفکرون في تعالیم دینهم القدیم ویثیرون مسائل من مسائله ویلبسونها لباس الإسلام؛ فنری أحمد بن حائط یقول في التناسخ شبه ما یقول البراهمة ویقول في المسیح قولا یشبه قول النصاری و...

2- الحرص علی الدعوة إلی الإسلام والرد علی المخالفین:

وذلک أن الفرق الإسلامیة وخاصة المعتزلة جعلت أهم أغراضها الدعوة إلی الإسلام والرد علی المخالفین وما کان یتسنی لهم الردّ إلا بعد الاطلاع علی أقوالهم وأدلتهم فدفعهم ذلک إلی الإحاطة بالفرق الأجنبیة وأقوالها وحججها فأصبحت بلاد الإسلام ساحة تعرض فیها کل الآراء وکل الدیانات ولا شک أن الجدل والبحث یستدعیان النظر والتفکیر وتحمل کل فریق علی الأخذ بما صح عنده وکان بعض الأدیان وخاصة الیهودیة والنصرانیة قد تسلح بالفلسفة الیونانیة وقد أدی هذا إلی أن یلجأ المسلمون إلی مثل السلاح الذي لجأت إلی خصومهم.

3- حاجة المتکلمین إلی دراسة الفلسفة: إن وقوف المتکلمین أمام الخصوم والمجادلة بمثل حججهم اضطرتهم إلی أن یقرؤوا الفلسفة الیونانیة وینتفعوا بالمنطق الیوناني ولذلک نری کثیرا من المتکلمین الإسلامیین یبحثون حول الجوهر والعرض والتوالد وغیر ذلک. هذا ولا بد في نهایة البحث من بیان لمسالک علماء الإسلام في صدّ هذه التیارات الجانحة والنزاعات المختلفة فنقول إن مسالک المسلمین تنحصر في ثلاثة مسالک:

الأول: استثارة نوازع الفطرة الأصلیة في الإنسان وإزالة الغواشي والحواجز التي تصده عن الشعور بها والخضوع لها.

الثاني: تحکیم موازین العقل والمنطق مما ائتلفت واجتمعت علیه عقول الناس أجمع لمواجهة الجاحدین بها.

الثالث: الاعتماد علی منهج الفلاسفة وطریقهم.