کیفیة تشکیل النظام السیاسی الإسلامی، هیکله و خصائصه:

الشرط اللازم لمعرفة النظام السیاسی للإسلام من رؤیة الأستاذ، یعتمد علی فهم نظرة إلی العالم التی تنشئها الإسلام فی الإنسان؛ و بعد هذا الفهم یتیسر علی الإنسان فهم النظم الأخری للإسلام کنظام الأسرة و الاقتصاد و السیاسة و ... لأن الشریعة الإسلامیة لم تکن أجزاء متفرقة و منفکة بعضها من بعض لا یمکن مدارسة أجزائها بشکل مستقلة أو مستقلة عن أصولها و مبادئها.

 الشریعة الإسلامیة بأکملها تفسیر لکلمة «لا إله إلا الله» و بعبارة أخری عقیدة و عمل المسلم فی الحیاة شرحٌ و تفسیر لها. من هنا نفهم أن المبدأ الاساسی للنظام السیاسی الإسلامی هو التوحید و یتفرع منه المبدآن الآخران (الرسالة و الخلافة).

بعد أن یستدل الأستاذ بآیة 54 من سورة الأعراف لبیان معانی کلمة الرب «و هی الرحمان و الرحیم و المالک و المعبود و المستعان»، یبین العلاقة بین «الخلق» و «الأمر» و ببیانٍ سهل و متقَن یحدد «الأمر» فیما یتصرف فیه «الخالق» فقط و یعتقد أن امتثال «الأمر» من غیر الخالق خلاف المنطق و الحقِّ. وجدیر بالذکر أن آیة «ألا له الخلق و الأمر» من المفاتیح العظمی و الأکثرعملیا بین الآیات القرآنیة التی یستدل بها الأستاذ فی آثاره و بدایة بحوثه کمفتاح رئیسی؛الأمر الذی یتطلب مجالا آخر لبیانَ کیفیة استدلال الأستاذ بهذه الآیة و بیان أسباب ما لها من أهمیة فی رؤیته. ابتناء علی هذه الآیة یصرح الأستاذ عند بیان دور «الرسالة» کرکن ثان من أرکان النظام السیاسی الإسلامی و هو إرشاد الناس إلی هذه الحقیقة الصریحة فی انحصار صفة «الآمریة» فی «الخالق» حینما یخاطب الإنسان و یقول: «یا أیها الإنسان إنک إذا آمنت بالله خالقا فکیف تسمح لنفسک أن تکون مطیعا لغیره یبرمج لک! ألیس الله یقول: «ألا له الخلق و الأمر».

فالرسالة علی هذا الأساس طریقة لتبلیغ أوامر الله إلی الناس کالآمر الوحید و علی الرسل تبلیغ هذه الرسالة .

یشیر الأستاذ بعد بیان کیفیة انحراف الناس - حتی بعد تبیینات الرسل - و بعد نظره فی حجیة الرسول علی الأجیال المتعاقبة له بعد وفاته أو عدمها؛ إلی نکتة دقیقة فی أسلوب الدعوة و هی الاستفادة من أسالیب و آلیاتٍ جدیدة متناسبة مع العصر و الأقوام و الملل.

ویجدر بالذکر أن القرآن اکتفی بالأصول الکلیة فی مجال النظام الاقتصادی و السیاسی و الاجتماعی و خوّل المجتهدین و المختصین طریقةَ تنفیذها و استخراج أحکامها الجزئیةِ. و بهذه الطریقة یتدخل الله فی شئون الحیاة الإنسانیة و لا یُطرح الإنسان کموجود عاطل إلی جانب ، و یتوفر للعقل البشری مجال للجولان تحت ظل تلک الأصول من جانب آخر. ففی هذه الحالة لا یعطل الدین و لا تتعطل جهود البشر. لقد ارتضی الله ذلک (تدخل أمر الله و العقل البشری سویا) لأنه من جانب بمعنی إطاعة ما أمر الله به و من جانب آخر یعني الاستفادة من نتاج البشریة المفید و المشروع و هذا لا یعنی الانحراف من منهج الله. و سنة النبی- صلی الله علیه و سلم-  بالنسبة إلی آراء أولی¬الامر کمعدن عام یرجعون إلیها و یستخرجون منها الجزئیات اللازمة و لا ننسَ أن المعدن الأساسی لاستخراج الأحکام هو القرآن.

یقول الأستاذ فی تأسیس الحکومة علی ید النبی - صلی الله علیه و سلم-  : «إن الله قد سمح لأول مرة فی التاریخ البشری أن یقام النظام الإسلامی بصورة کاملة و تقرّر للبشریة أن برامج هذا النظام صالحة للتطبیق و أن تکون رمزا للبشریة إلی الأبد؛ و لکن ما کان من المقرر أن یبقی هذا النظام إلی الأبد؛ لأن هناک أنظمة جاهلیة ما ترید الفکرةُ البشریة تطبیقَه و تصوغ به حیاتها. و من البدیهی أنها لا تنتج إلّا الفساد و الدمار و هذه النتیجة لا تحصل للبشر إلّا بعد اختباره للمذاهب المختلفة الوضیعة من جانب أبنائه التی ثبتت عدم کفائتها له بعد تجربتها ؛ و بعد کل هذه التجارب لا یبقی للبشر ما یجربها فیرجع خاسرا إلی نعیم دین الله».

 الخلافة 

الخلافة هی الرکن الثالث من النظام السیاسی الإسلامی من رؤیة الأستاذ؛ وبالطبع لا یقصد الأستاذ بالخلافة «الخلیفةَ» و «نظام الخلافة» بل هو أشمل منهما و یشتمل علی تکالیف البشر کله علی وجه الأرض التی تحملها البشرعلی عاتقه کخلیفة الله بعد قبول حکم الله و الوحی.

ففی مصطلحه یَقصد بالخلافة، خلافة کل البشریة و لیس خلافة الأفراد.

یتابع الأستاذ فی بیان الهدف من تأسیس النظام السیاسی الإسلامی و ینکره کالغرض الذاتی و یُبرزدورالأخلاق؛ والذی یقتضی تکرار التأمل اعتقادُه الجازم للحدّ من العنف و الإرهاب و الکفاح المسلح و أیضا استخدام الآلیات المدنیة کالاستفتاء للوصول إلی النظام السیاسی الإسلامی.

و مما یؤکد أهمیة الموضوع هو أن الأستاذ کان یلقی هذه المحاضرات فی ثلاثین من عمره (1981م) حینما کان الکفاح المسلح فی العالم الإسلامی فی ذروته .

الشوری: 

الشوری من رؤیة الأستاذ من أعلی أرکان الحکومة الإسلامیة الذی من مهامها تحدید مسؤولین للقوة التنفیذیة و القضائیة و النظامیة ؛ و الشوری هی القوة المبینة-أحیانا- و لا التشریعیة و یستنبط القوانین و الأحکام اللازمة من القرآن و السنة و لها القدرة العلیا و لکن تحت الإشراف المباشر من الناس.

بعد أن یذکر الأستاذ المعنی اللغوی للشوری یبدأ فی بیان أهمیتها ومراحل تکوینها و میزاتها و مهام من یتصدی أمرها و عناوین أخری سنشیر إلیها باختصار:

یستدل الأستاذ بالآیة 55 من سورة النورقائلا: یمکن للمؤمنیین حالة وجود الإیمان و العمل الصالح(بتعبیره القرآنی) أن تکون لهم خلافة ، ولا تنحصر فی أفراد و فئات خاصة؛ و لأن إدارة المجتمع لا یمکن بتولّی کل الأفراد أمرَها، فیُنتخب من بینهم أفراد لتولّی أمر الشوری و یسمون «أهل الحل و العقد أو أولی الأمر»؛ و هؤلاء یختارون من بینهم مَن یُخوّل السلطةَ التنفیذیةَ و یسمی خلیفة أو إماما أو أمیرالمؤمنین أو رئیس الجمهوریة فی تعبیره المعاصر؛ و إن کانت الأخیرة لیست مناسبة له. الشوری و الخلیفة علیهم أن یقوموا ممثلین للناس بأداء الشهادة علیهم و أن یکونوا رمزا لهم و هذا الدور یسمی «الإمامة». اختیار الخلیفة یتم من قِبل الناس و لیس من جانب الله؛ و الحکومة الإسلامیة حکومة إلهیة- إنسانیة؛ بمعنی أن القوانین العامة تصدر وحیا من الله و تنفیذها و استخراج الجزئیات منها یخولّ الإنسانَ ؛ فمن هنا کانت الحکومة الإسلامیة دینیة من جانب و دیمقراطیة من جانب آخر و إحداهما تستلزم الأخری.

فی الحکومة الإسلامیة لا یرشح أحدٌ نفسه للوظائف و لا ینفق فی ابتغاء المناصب التکالیف الباهظة فی أیام الترشیح ولا یَعدُ الناس کذبا؛ ولکن الأفراد حسب سبقهم بالأعمال الصالحة یصلحون للترشیح من قبل الناس. وعلی هذا فاختیار أهل الشوری یکون علی أساس الأعمال الصالحة المسبوقة منهم و لیس علی أساس الترشیح من قبل أنفسهم أو إعلان البرامج و الدعایة و الوعود.

فیکون معیار الانتخاب فی الإسلام أداء الناس فیما سبق منهم من الأعمال الصالحة و لکن فی الأنظمة الجاهلیة یکون المعیار البرامجَ المعلنة من قبل المرشحین.

و فی الحکومة الإسلامیة لا تحصل المدن و المحافظات علی کراسی فی الشوری حسب عدد السکان، لأنه من الممکن أن یوجد عددٌ من الشخصیات الحائزة علی شروط الحضور فی الشوری فی مدینة قلیل النسمة أو قریة و یمکن أن لا یوجد فی المدن الکبیرة شخص واحد. و جدیر بالذکر أن فترة التولی لأعضاء الشوری لا تنحصر فی مدة ما و یستمر دورهم إلی أن تنعدم صلاحیتهم ولا یجوز دفع الأجر لهم إزاء حضورهم فی الشوری إلّا إذا استغرقت واجباتُهم فی الشوری أوقاتهم کلها.

خصائص أهل الشوری مستدلة بآیات 36 إلی 39 من سورة الشوری:

1- الذین آمنوا

2- علی ربهم یتوکلون.

3- یجتنبون كبائر الأثم والفواحش.

4- إذا ما غضبوا هم یغفرون.

5- استجابوا لربهم.

6- أقاموا الصلاه.

7- أمرهم شوری بینهم.

8- مما رزقناهم ینفقون.

9- إذا أصابهم البَغی هُم ینتصرون.

و لهم ثلاث صفات أخری: 1-الإلمام باللغة العربیة؛ لأنهم یستخرجون قوانین من القرآن و السنة و لغتهما عربیة 2- الاطّلاع من أهداف و مصالح التشریع 3- العلم بمسائل و علوم العصر (و لابد للشوری أن تکون لها اللجان المتخصصة المختلفة).

فإذا توفرت فی شخص هذه الصفات یکون عضوا للشوری و لا یحتاج إلی الانتخاب. 

إضافة إلی الشوری الرئیسیة التی هی علی رأس الحکومة ؛ لکل مدینة و منطقة شوری تخصها و تهتم بشئونها.

المجتمع المؤمن علی کاتفها مسئولیة الخلافة کأمانة وعلیه أن یُخوّلها من یستحقها حسب آیة 58 من سورة النساء. فهذا المجتمع مسئوول فی اختیار أهل الشوری و هم مسؤولون فی اختیار من یتولّی أمر التنفیذ و القضاء و القوة العسکریة.

إذا اختلف أهل الشوری فی مسئلة ؛ ترشدهم  آیة 18 من سورة الشوری إلی اختیار القول الأحسن و بعبارة أخری الرأی الذی سیقع موقع القبول عند الجمیع هو الذی ابتنی علی دلائل أقوی من غیره و بعد تصویبه فی الشوری فیصیر قانونا یلزم اتباعه علی الجمیع. 

و لیبد عن رأیه کل أعضاء الشوری  فی الموضوعات و لا یصح سکوت البعض.

لا تدخل الأحزاب فی الشوری لأن المجتمع الإسلامی خال من الأحزاب کما تسری فی المجتمعات الجاهلیة و لأن الحزب تدور علی رأی عدد من رؤسائه ، و الأَتباع لیس لهم إلّا الإتِّباع و لکن الناس فی الإسلام یتبعون القول الأحسن فهم أحرار من تبعیة حزب أو مذهب خاص إلی الأبد.

المسائل المتعلقة بالتصمیم فی الشوری یشتمل علی أمور لا یوجد حکمها مبَینا فی القرآن و السنة.

یلخص الدین فی ثلاثة امور: 1- إطاعة الله. 2- إطاعة الرسول. 3- إطاعة أولی الأمر.

لا یجب اتباع المذاهب الفقهیة حینما لم یکن للشوری قدرة و سلطة ، و رؤساء المذاهب إنّما یؤدون دورهم کمرشد و مذهبهم متبع للضرورة فقط و لکن بجانبه جهاد دائم لاکتمال حیاة المسلمین و تسلیم السلطة إلی شوری الأولی الأمر و نجاة الدین من ضیاع ثلثه.

إطاعة الله و رسوله واجبة ؛ أما ما حکم به أولوألامر قابل للنقد و النزاع ، و المعیار الأخیر للحل هو الکتاب و السنة.

الاجتهاد عمل مبتنی علی شروط الزمان و المکان و المتغیرات فیهما ، فأعضاء الشوری لابد أن یکونوا منتخبین من المعاصرین.

و باب الاجتهاد لا یغلق أبدا لأن المجتهد یهتم بالمشاکل المستجدة الحاضرة –و لا الماضیة و لا الآتیة- بالرجوع إلی الکتاب و السنة؛ و علی هذا یجوز اتباع المجتهد حال حیاته و لا یطاع بعد وفاته و لکن حین فقدان الحکومة الإسلامیة یجوز اضطرارا اتباعهم بعد الوفاة.

إذا اتفق أهل الحل و العقد (الشوری) علی مسئلة فهو الاجماع و إطاعته واجبة.

و القیاس لیس من الأصول المستقلة و انّما منهج لاستنباط الأحکام.

و الأقلیات الدینیة لیس لهم من یمثلهم فی الشوری لأنّهم لم یؤمنوا بالإسلام و لم یفقهوا قوانینه کی یکونوا قادرین علی استنباط الأحکام و استخراجها.

استعمل کلمة «أطیعوا» فی آیة ««أَطِیعُواْ اللّهَ وَأَطِیعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِی الأَمْرِ مِنكُمْ» (نساء/59) مرتین ؛ مرة لله و مرة للرسول و لکنها لم تستعمل لأولی الأمر لأن الله یلقی علی نبیه مفاهیم السنة مباشرة و إذا أخطأ الرسول یُصحح خطأه ؛ فهو معصوم فی هذا المجال و لکن أولی الامر لیسوا معصومین و منتخبون من بین المسلمین العادییین الذین لم یکن من المستحیل ارتکابهم للأخطاء والزلات وعلی الناس أن یکونوا مشرفین علیهم دوما. وبما أن أهل الشوری لم یکونوا معصومین لم تکن آرائهم فوق النقد کما کان لحکم الله و الرسول و للناس معارضتُهم و نقدُ آرائهم مباشرة حول قوانین التی یصادقون علیها.

الشوری لیس لها مکانة الحاکم المطلق المطاع و  لا یتدخل فی المسائل الجزئیة کالاحوال الشخصیة.

لا تفصل السلطات فی الحکومة الاسلامیة بشکل یستطیع بعضها التقابل مع البعض کالسلطة التنفیذیة و القضائیة و التشریعیة و لکن القدرةَ قد ارتکزت فی القوة المبیِّنة (الهیأة العلیا للأولی الامر) و تُشرف علی عمل السلطة التنفیذیة و تؤسس السلطة القضائیة و بعدها تعمل عملها بشکل مستقل. والفرع التنفیذی للشوری یتم تحویله إلی أحد أعضائه تحت عنوان الخلیفة أو أمیر المؤمنین.

و الخلیفة مسؤول إزاء الشوری و ازاء الناس و یختار للأمور التی یتصرف فیها وزراء و هؤلاء لیس علیهم تکلیف إزاء الشوری و لهذا ینتفی تصویت التوثیق أو عدمه.

الخلیفة (رئاسة السلطة التنفیذیة)

الخلیفة من وجهة نظر الأستاذ واحد من أعضاء الشوری و مُکلف بتنفیذ القوانین الصادرة عن القرآن و السنة و الشوری و منتخب من قبل أهل الشوری لتنفیذ أحکام الإسلام.

الخلیفة مضافا علی ما ذکرناه من الخصال لاهل الشوری ، لیتصف بالدهاء و التبحر فی السیاسة.

و لا یجوز لأحد أن یرشح نفسه حال انتخاب الخلیفة للخلافة. و انما الترشیح مسموح لاعضاء الشوری و الخلیفة السابقة و بعض المسلمین فقط أن یقدموا واحدا و لیس هذا بمعنی الانتخاب بل الأمر إلی الشوری.

الإعلان و الدعایة علی وجه تدمر بعضهم للبعض ممنوع للمرشحین و کذا تخصیص الکلف لها. لأنّ التبلیغ الحقیقی هو السیرة العملیة و الخلقیة التی کانوا علیها فی الماضی.

ینعقد عهد ثنائی بین الخلیفة و أهل الشوری بعد الانتخاب و یسمی العهد «البیعة الصغری» ؛ یتعهد فیها الخلیفة بتنفیذ أحکام القرآن و السنة و الشوری ، و الشوری تتعهد بتنصیب الخلیفة فی إطار القرآن و السنة و تُعلَن البیعة بین الناس لتتم المصادقة علیها عن طریق التصویت فإذا وافق الناس یتقرر تعیینُ الخلیفة.

هیأة الوزراء التی یختارها الخلیفة کما ذکرنا لیس علیها تکلیف إزاء الشوری فینتفی تصویت التوثیق أو عدمه و الخلیفة مسموح بعزل الوزراء أو نصبهم مهما شاء.

و الخلیفة تبقی علی منصبه طالما لم یفقد شروطه و لو ثبت عدم کفاءته للخلافة لیُعزل و من رؤیة الأستاذ یعزل الخلیفة إزاء تضییع حقوق المواطنین من غیرالمسلمین.

السلطات الأخری:

السلطة القضائیة: یعتقد الأستاذ باستقلالها بعد انتخاب رئاستها من جانب الشوری و یجوز لها الحکم علی کل أرکان الحکومة و أهل الشوری و حتی الخلیفة لأنها تنَفّذ الحکم الإلهی فکل هذه الأرکان مساویة أمامها.

السلطة العسکریة: هذه القوة فی الحکومة الإسلامیة تُعِد القوة و الاستعداد اللازم قبل کل شیء و یدافع عن المجتمع الإسلامی إزاء الاضطرابات و من وظائفها جهاد القوات المعارضة لحریة التعبیر و المخالِفة لنشر الدین و الطواغیت.

الطواغیت کما یراها الأستاذ ثلاثة أقسام: 1- قادة الخداع الفکری الذین یحرمون الناس من حریة الفکر و حقوقها و المسببین للفقر الفکری. 2- الحُکام الذین یسلبون حریات الناس. 3- الممولین الذین یتسببون فی الفقر المادی.

و یتابع الأستاذ بحوثه إلی قضیة الجهاد و حقوق الأسری و العدو المعادیة و یفصل فیها فلهذا و لضیق الوقت نؤخرها إلی مجال آخر.

الشیء الذی یتجلی مرة أخری فی رؤیة الأستاذ بالنظر إلی القوات الأخری تأکیدُه علی رعایة حقوق المواطنین التی کانت فی إطار مسؤولیات السلطة القضائیة بشکل بدیهی و لکنها تکون واضحا أیضا حین العنایة بحقوق الأسری و آداب الحرب.

و الشیء الآخر الذی یلفت النظر هو أن الأستاذ یُخرج القوةَ التی تهتم بالتربیة و التعلیم و القوةَ العسکریة و مکتبَ الشؤون المالیة من إشراف السلطة التنفیذیة للخلیفة و یجعل کلَ هذه السلطات تحت إشراف المباشر للأولی الأمر. لأنها إن کانت تحت سلطة الدولة یُتوقع: 1- أن تُجبِر قسمَ التربیة والتعلیم بالانصراف من التزکیة الی التزویر. 2- أن تجبر المکتبَ المالی بالانصراف من تمویل الحکومة و دفع الفقر إلی ادخار الأموال. 3- أن تجبر القوةَ العسکریة بالانصراف من الدفاع عن الناس و المستضعفین إلی تأمین مطامع الدولة و قمع الملّة.