رسالات الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام إنما جاءت من أجل تحقيق أمرين أساسيين هما: الإقرار الواعي والحر بوجود الله ووحدانيته، وتحرير الإنسان من كل أشكال الاستعباد والاستبداد، وإطلاق حريته من كل قيد إلا قيد الالتزام بأصول الإيمان، وبالنظام الإنساني العام والآداب والقيم، والحفاظ على كرامة الإنسان الذاتية وضمان تفاعله في مجتمع قائم على التعاون والمساواة والعدالة.
إن حرية الرأي والتعبير هي أُول اختبار يختبر به الخالق جل جلاله المخلوق العاقل الحر في تنفيذ التزاماته المرتكزة على أكبر نعمة ميزته عن سائر المخلوقات، وهي الإرادة الحرة. إن الكلمة والرأي والتعبير عنهما قديمتان قدم البشرية، ففي المبدأ كانت الكلمة نوراً لضمير الإنسانية، وثورة في عالم التعبير وإبداء الرأي والمعرفة، ونقلة نوعية في سُلَّم الحضارة، وخطوة عملاقة للحفاظ علی التراث نقشاً وحفراً وتدويناً على جدران الكهوف والمعابر وصحائف العظم والخشب والحجر والجلد.
تعتبر حرية الرأي والتعبير من أهم الحريات التي كفلتها الشرائع السماوية قبل الأنظمة والتشريعات البشرية الحديثة، وهي بمثابة العمود الفقري لسائر الحريات، بها يعبر الإنسان عن مشاعره ومعتقداته وآراءه واجتهاداته، وبها يجهر بالحق في أمور الدين والدنيا، واحتفت الشريعة الإسلامية بالحرية وأعطت لها مكانة كبيرة، وجعلها من مقاصد الشريعة إلی جانب الكليات الخمس الضرورية.
عرض نسخة المعاينة
الآراء