قتل ما لا يقل عن ثمانية أشخاص وجرح العشرات أمس في تونس والسودان ومصر ولبنان حين هاجم متظاهرون مقار دبلوماسية أميركية وغربية، أو في مواجهات متزامنة في سياق الاحتجاجات على الفيلم المسيء للإسلام الذي أثار موجة غضب في العالمين العربي والإسلامي. ففي تونس, قتل شخصان وأصيب خمسون بينهم 22 من أفراد الشرطة في مواجهات وقعت في محيط السفارة الأميركية بمنطقة ضفاف البحيرة بالعاصمة بعد اقتحام مئات المتظاهرين بعض باحاتها وأبنية ملحقة بها, وحرق 68 سيارة داخلها وخارجها, كما أُضرمت النار في المدرسة الأميركية. تحت السيطرة وقالت الداخلية التونسية إنه جرى اعتقال 28 ممن شاركوا في عملية الاقتحام التي دفعت رئيس الحكومة حمادي الجبالي إلى قطع إجازة كان يفترض أن تستمر يومين. واستطاعت قوات الأمن السيطرة على الوضع بعد نحو خمس ساعات من بدء المواجهات, وبعد استقدام تعزيزات أمنية وعسكرية بما في ذلك الحرس الرئاسي. وكان مراسل الجزيرة قال في وقت سابق إن متظاهرين اقتحموا مقر السفارة، وقاموا بإنزال العلم الأميركي ورفعوا مكانه راية سوداء كتب عليها شعار التوحيد. وكان بعض المحتجين يرددون هتافات من قبيل "أوباما أوباما.. كلنا أسامة" في إشارة إلى الزعيم الراحل لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن. وأدانت الرئاسة والحكومة التونسيتان حادثة الاقتحام, وأكدتا تعهد تونس بحماية المقار الدبلوماسية الأجنبية. وفي خطاب للشعب مساء أمس, قال الرئيس المرزوقي إن بعض المجموعات، في إشارة إلى "غلاة التيار السلفي" تجاوزت الخطوط الحمر, ووصف ما جرى بغير المقبول. وأشار إلى اتصال جرى بينه وبين وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بشأن تلك الأحداث. اشتباكات بالخرطوم وفي الخرطوم، أفاد مراسل الجزيرة بمقتل ثلاثة مواطنين دهسا بسيارات الشرطة خلال محاولة محتجين على الفيلم المسيء للإسلام اقتحام السفارة الأميركية بالعاصمة. وتصدت قوات الأمن بقنابل الغاز المدمع لوقف زحف آلاف المتظاهرين صوب السفارة. كما أضرم متظاهرون النار بمبنى السفارة الألمانية بالخرطوم، ورشقوا بالحجارة سفارتي ألمانيا وبريطانيا, وحاولوا كسر السياج الخارجي لهما، وتدخلت الشرطة وأطلقت قنابل الغاز المدمع لتفريق المتظاهرين, واعتقلت عددا منهم. ولاحقا اتصل جو بايدن نائب الرئيس الأميركي بنظيره السوداني علي عثمان طه, وطلب منه حماية الدبلوماسيين الأميركيين. من جانب آخر أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها أرسلت فريقا يضم خمسين من مشاة البحرية لحماية سفارة الولايات المتحدة في صنعاء التي تعرضت أول أمس لمحاولة اقتحام أسفرت عن أربعة قتلى وجرحى. وكان مراسل الجزيرة أفاد بأن الأمن اليمني فرق أمس مظاهرة أمام السفارة الأميركية، وقد خرجت مظاهرات في عموم المدن في جمعة سميت "رسول الرحمة والسلام" للتنديد بالإساءة للإسلام. قتيلان بالقاهرة وفي مصر، توفي شخصان خلال اشتباكات مازالت مستمرة حتى فجر اليوم مع قوات الأمن في محيط السفارة الأميركية. واستبعد مصدر أمني لمراسل الجزيرة بالقاهرة أن تكون الوفاة جراء إطلاق نار من قبل قوات الأمن، مؤكدا أن القوات الموجودة بمحيط السفارة لا تحمل سوى القنابل المدمعة فقط. أربعمائة شخص في الجملة أصيبوا بالمواجهات حول سفارة أميركا بالقاهرة (رويترز) وأكدت وزارة الداخلية أن عدد الإصابات بين ضباط وأفراد ومجندي الشرطة وصل إلى 34 مصابا بطلقات خرطوش في العين وأنحاء مختلفة من الجسد, بينما تجاوز عدد المصابين أمس 280 مصابا, وأربعمائة منذ بدء المواجهات وفق وزارة الصحة. وقالت وزارة الداخلية إن عناصرها تمكنت من ضبط 142 من مرتبكي أعمال الشغب وتم حجز ثلاثين منهم أربعة أيام على ذمة التحقيق. وتظاهر آلاف المصريين أمس بالقاهرة ومدن أخرى مرددين هتافات تندد بالولايات المتحدة، كما خرجت مظاهرات مماثلة بالإسكندرية وأسيوط وسوهاج وجنوب سيناء رغم سحب جماعة الإخوان المسلمين دعوتها للتظاهر أمس, بينما هاجم بدو مقرا لقوات حفظ السلام بسيناء مما تسبب في جرح اثنين من أفرادها ومصري قبل أن يتدخل الجيش ويسيطر على الوضع. وفي لبنان, قتل شخص وأصيب عشرات في مواجهات بطرابلس في سياق الاحتجاجات على الإساءة للإسلام. وفي الأردن، منعت قوات الأمن أنصار التيار السلفي الجهادي من الوصول إلى السفارة الأميركية في عمان. وشملت المظاهرات أيضا الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة, بينما تصدت الشرطة الإسرائيلية لفلسطينيين حاولوا السير نحو القنصلية الأميركية في القدس المحتلة. وامتدت مظاهرات واحتجاجات الفيلم المسيء إلى الصومال حيث تظاهر المئات في مقديشو, كما امتدت إلى دول إسلامية بينها ماليزيا وبنغلاديش وباكستان, إضافة إلى الهند. وفي نيجيريا، أطلقت قوات الأمن النار في الهواء لتفريق مسلمين يحتجون في مدينة جوس على الفيلم.
الآراء