ستجری انتخابات الدورة العاشرة لرئاسة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة بعد أقل من شهرین أی فی الشهور الأولی من العقد الرابع من  استقرار النظام المنبعث من الثورة العظیمة للشعب الإیرانی و المناهضة للإستبداد و الإستعمار...

و جماعة الدعوة و الإصلاح الإیرانیة، بکونها منظمة مدنیة ذات مرجعیة إسلامیة و هی تعمل فی جمیع مناطق أهل السنة و الجماعة و فی إطار طریقتها الإصلاحیة و مع تفهمها للصعوبات و الموانع التی تقف أمام عملیة التغییر، تری من الضروری تقویة التغییر و الإصلاح و الاستمرار فی میادین الثقافة و الاجتماع و الاقتصاد و السیاسة و فی هذا المجال تنبه إلی الأمور التالیة:

الف) إن تداول السلطة بالطرق السلیمة و عن طریق الانتخابات، استطاعت أن تکون أحد أهم العوامل الممهدة فی تحقیق التنمیة فی إدارة أمور الدول فی العالم الحدیث و تری جماعة الدعوة و الإصلاح الإیرانیة- عبر رؤیة إستراتیجیة إلی هذه المسألة- أن حق المواطنین فی کونهم یَنتَخبون أو یُنتَخَبون، یُعتبر أرضیة لتفعیل حق سیادة الشعب فی إدارة أمور البلاد و لعبه الدور الفعال فی تقریر مصیره ، و فی نفس الوقت لها بعض الملاحظات الجادة علی عملیة الانتخابات و خاصة فی عدد من الدورات الانتخابیة الماضیة.

وقد أثبتت التجارب أن عدم المشارکة فی الاقتراع لا یعنی عدم وصول المعترضین و المنتقدین إلی مطالبهم فحسب، بل علی العکس من ذلک لها نتائج سلبیة.

ب) إن بلادنا تعیش حالیاً فی ظروف خاصة: ففی المجال الداخلی، تدور نقاشات کتعیین مؤشرات  لتبیین مستوی المعیشة للمواطنین و مدی رضاهم عن المعیشة و وجود بعض المشاکل الاجتماعیة المثیرة للقلق و ضرورة التغییر فی آلیات البیرو قراطیة و خاصة بعد انحلال عدد من الجهات الهامة المتخِذة للقرار و المخططة فی إدارة اقتصاد البلاد و فی الأوضاع المتغیرة الناتجة عن الأزمة العالمیة الأخیرة و کذلک أمور أخری – یدور الحدیث عنها بشکل جاد.

و فی المجال الإقلیمی و الدولی فإن استمرار عدم الاستقرار فی البلدان المجاورة شرقاً و غرباً، و کذلک التغییر الهادف فی رأس هرم القوة فی الولایات المتحدة الأمریکیة، ستضع أمام مدراء السیاسة الخارجیة فی البلاد تحدیات هامة قابلة للنقاش و التأمل...و فی مثل هذه الأوضاع فإن التحلیل الدقیق للأوضاع و الذی یهدف إلی الخیار الأنسب لتصدی رئاسة السلطة التنفیذیة بإعتباره ثانی منصب رسمی فی البلاد سیکون مصیریا....

ج) علی الرغم من أن فقدان الأمل لدی بعض شرائح المجتمع الناتج عن عدم الاکتراث بهم من قبل عدد من المسؤلین فی الماضی و الحاضر، یبدو مفهوماً، إلا أن الاستفادة من القابلیات الخاصة لأجواء الانتخابات و الاختیار الهادف و المقتدر، تحقق الوصول إلی الحد الأقصی من التغییر الإیجابی بأقل تکلفة و سوف یُظهر لنا رسالة شریحة صامتة من المجتمع بکل وضوح.

د) إضافة إلی بعض القضایا و المشاکل العامة فی البلاد: إلا أنه توجد و للأسف - مواقف حادة أخری فی بعض المناطق الخاصة ذات التمیز العرقی و المذهبی؛ فعلی الرغم من صراحة نص الدستور علی مراعاة حقوق المواطنین، إلا أن المجری الحالی فی عدد من المناطق یبدو بعیدا عن روح الدستور، کفتح باب التدخل فی إدارة شئون المدارس الدینیة لأهل السنة، مما قد مهد أسباب القلق... .

هـ) و بما أن البیان الواضح للرؤیة و البرامج من قبل مرشحی منصب رئاسة الجمهوریة، یکون سبباً فی رفع مستوی الفهم و الاختبار لدی المواطنین و القوی الاجتماعیة، فإن جماعة الدعوة و الإصلاح الإیرانیة تبین بعض أهم توقعاتها و مطالبها کالآتی:

اولاً: إن صیانة حقوق المواطنة و رعایتها و ضمان الحریات الفردیة و العامة یبقی ضمن المطالب الأصلیة للشعب الإیرانی و قد نص الدستور علی مصادیق هامة لهذا المطلب فی الأصل التاسع عشر إلی الواحد و الأربعین و کذلک فی البنود السادسة إلی التاسعة فی الأصل الثالث.

  ثانیاً: إن العمل الحزبی النزیه و الممنهج، إضاقه إلی رفعه لمستوی الفهم و النظرة السیاسیة للمواطنین، کذلک یمهد إمکانیة الرقابة العامة علی عمل الحکام و فی نفس الوقت یعدُّ من أبرز مصادیق تطبیق الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر فی الساحة السیاسیة فی العالم الحدیث... و علی هذا الأساس و نظرا للأصل السادس و العشرین من الدستور فإن تهیئة المناخ السیاسی المفتوح و توسیع عمل الأحزاب و المؤسسات المدنیة، یعد ضرورة لابد منها...

ثالثاً: إن الأوضاع الاقتصادیة للبلاد، تعانی من حالة عدم الثبات و فقدان برنامج لهذا الأمر... إن المؤاشرات الإقتصادیة المعلنة تُعد انعکاسا لبعض حقائق المجتمع و أنّ نسبة التضخم و معدّل البطالة و الإحصائیات الرسمیة عن الشریحة التی تقع تحت خط الفقر فی البلاد، مُروّعة و لذلک فإن الاهتمام الجاد لتدوین برنامج اقتصادی یتماشی مع الواقع ضمن نظرة خاصة لنتائج الأزمة المالیة العالمیة الأخیرة یُعد ذا أهمیة بالغة... .!!!

رابعاً: أن الفرق الشاسع بین المناطق المحرومة – و المتضررة إثر الحرب علی الوجه الخاص- و بین باقی المحافظات الأحسن حالاً، بعد مضی ثلاثة عقود علی نجاح الثورة، أمرٌ یستحق إمعان النظر و التفکیر، و إن  اتخاذ إتجاه تنموی و مبنیّ علی العدالة فی تحقیق الأصل الثامن و الأربعین من الدستور یستحق اهتماما جاداً.

خامساً: إن المصالح الوطنیة توجب علینا اتخاذ سیاسة نبذ الخصومة أکثر من أی وقت مضی و نظراً لمکانة إیران فی العالم الإسلامی، فالأجدر بنا أن نسعی إلی تقویة و تعمیق العلاقات مع الدول الإسلامیة و أن نضع الخلافات المذهبیة علی جانب...

  سادساً: نظراً لأهمیة الإعلام فی العالم المتطور و ضرورة إنشاء الإعلام الحر، فإن الوضع الحالی بحاجة إلی تعدیلات هامة من أجل حصول شریحة أکثر من المواطنین علی منابر تلیق بهم... و فی هذا الإطار و بناء علی الأصل الرابع و العشرین للدستور، فإن تسهیل إعطاء الرخص للصحافة و الأخذ بجانب اللین و التسامح مع الأفکار المعارضة و المذهبیة و القومیة الخاصة، له أهمیة خاصة من أجل الوصول بالبلاد إلی التوازن الثقافی، کما أن کسر الحصار الإعلامی للصوت و الصورة فی مسیرة الارتقاء الفکری و الإجتماعی للمجتمع یمهد الأرضیة المناسبة لتحقیق مبدأ الحریة الأصیل.

سابعاً: من أجل تحقیق ما جاء فی آخر الأصل الثانی عشر للدستور، و مع ضرورة مراعاة الإلتزام المنطقی و الإحترام الکامل للمذاهب – و هو الأمر المصرح به ضمن هذا الأصل- و کذلک حریة أتباعها فی إدارة شئونهم الدینیة و فی أمر التربیة و التعلیم الدینی- فإنه یجب تنظیم قوانین محلیة فی حدود صلاحیات المجالس المحلیة و علی أساس مذهب ینتمی إلیه اکثریة سکان المناطق المختلفة فی البلاد و أن یتم التجنب من أی تدخل فی الأمور المذهبیة.

ثامناً: وصولاً الی تحقیق  شعور الاتحاد الوطنی الموحد و تأصیل مبدأ اختیار الأنسب، لابد أن یستفاد من قدرات المواطنین السنة فی المناصب الهامة فی الحکومة، فی حین نمر بالعقد الرابع من عمر الثورة الإسلامیة، و من الواضح أن منع المواطنین السنة من الترشح لمنصب رئاسة الجمهوریة- المصرح به فی الدستور- لایمنع تصدیهم لباقی المناصب العالیة فی البلاد.

تاسعاً: و نظراً لکون النظرة الأمنیة إلی قضایا المواطنین فی المناطق المذهبیة و القومیة، قد یؤدی إلی حدوث مشاکل عدیدة کخلق جو التشاؤم و ابتزاز حق المواطنین و الخدش فی شعورهم القویم، فی ضوء ذلک کله فإنه من الضروری، تحویل هذه النظرة إلی نظرة علمیة و مدروسة... .

عاشراً: إن الثقافة و الحضارة الإیرانیة، تراث یشترک فیه الجمیع و هو ناتج عن التنوع القومی و اللغوی فی البلاد و ینبغی أن یتم الاعتناء به و الحفاظ علی التنوع الموجود کفرصة للوصول إلی الغناء الثقافی فی البلاد و فی هذا الإطار نؤکد علی العمل بالأصل الخامس عشر و التاسع عشر من الدستور للوصول إلی ثبات الهویة القومیة و مراعاة  احترام الأقلیات... 

 جماعة الدعوة و الإصلاح إلإیرانیة